أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار / دار سعيدة في مراكش .. طيف المنبهي يُكمل مسيرة حقوق المرأة
سعيدةة

دار سعيدة في مراكش .. طيف المنبهي يُكمل مسيرة حقوق المرأة

هسبريس – يوسف لخضر

رحلت سعيدة المنبهي باكراً، انطفأ نورها في عز الشباب وهي لم تتجاوز سن الخامسة والعشرين، كانت خسارة جسيمة لأسرتها الصغيرة والكبيرة وعائلتها السياسية وكل من آمن بقيم اليسار في مختلف ربوع المغرب، ولم يجد أقرباؤها سوى تأسيس مركز ثقافي يحمل اسمها ويكمل مسيرتها من أجل حقوق المرأة.سعيدة

وسط حي السملالية بمدينة مراكش، يوجد مركز ثقافي يحمل اسم سعيدة المنبهي، تلك المناضلة اليسارية التي التحقت بالمنظمة الماركسية “إلى الأمام” وناضلت في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وأكملت مسيرتها النضالية في السجن بإضراب عن الطعام لمدة 34 يوماً انتهى بانطفاء شمعة من شموع اليسار المغربي.

كانت إلى جانب كل نضالها السياسي شاعرة متميزة، كتبت شعرها بالدم وضمنته أحلامها وهمومها وهي في عمر الزهور، وكانت تناضل طيلتها حياتها القصيرة، إلى جانب رفيقاتها فاطمة عكاشة وربيعة فلتوح، من أجل الحرية وحقوق المرأة والحريات الفردية والمساواة.

ولدت المنبهي بمدينة مراكش في شتنبر من عام 1952، درست الإنجليزية في جامعة الرباط، والتحقت بنقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وانخرطت أيضاً في صفوف نقابة الاتحاد المغربي للشغل ومنظمة إلى الأمام.

وبسبب نشاطها السياسي المكثف، اعتقلت يوم 16 يناير 1976 وزج بها في سجن درب مولاي الشريف في الدار البيضاء، حيث ذاقت مرارة التعذيب النفسي والجسدي، ونالت أحكاما بالسجن لمدة 7 سنوات بتهم تهديد أمن الدولة.

قبل عام ونصف العام، جرى تأسيس مركز سعيدة للدراسات والأبحاث لحفظ ذاكرتها، يضم مقهى ثقافيا وقاعة للندوات الفكرية وقاعة للمطالعة مخصصة للطلبة، أراد أقرباؤها ورفاقها من خلال هذه الدار “الحفاظ على إرث هذه المرأة الفريدة التي لم تفشل يوماً ولم تنحنِ أبداً للأقوياء”.

يقول مروان بنخلدون، مدير المركز، إن “دار سعيدة” محاولة لتكريم المنبهي من خلال الأدب والنقاش والحب، ويضيف قائلاً: “مكتبتنا مخصصة بالكامل لحرية المرأة، ومن خلال النقاشات التي تحتضنها قاعة الندوات نحاول أن نرتقي إلى عظمة قلب سعيدة المنبهي.. فالجميع مرحب به في منزلها.. في دار سعيدة”.

عند مدخل الدار، تجد فضاء جميلاً مليئاً بالكتب، بالعربية والفرنسية حول المرأة، من فاطمة المرنيسي إلى بنوا غرولت إلى بيل هوكس، ويجمع بينها الهدف السامي نفسه: تكريم المرأة والأخوات والأمهات وجميع نساء العالم، اللواتي عانين من الظلم كثيراً.

يفتح المقهى أبوابه صباحاً، ويمكن للزائر لهذا المكان الهادئ أن يحتسي كوب قهوة في المستوى، ويطالع كتاباً مما يختاره من الرفوف، كما يمكن أن يحظى بمنظر من سطح الدار يطل على حي السملالية، الذي يضم كليات مختلفة تعج بالطلبة والطالبات.

في الطابق السفلي، توجد صالة للمطالعة والدراسة تسع العشرات، يحج إليها الطلبة في أوقات الامتحانات للاستعداد في جو ملائم، حيث يوجد صبيب أنترنيت عال جداً، إضافة إلى آليات طباعة في عين المكان، من أجل تسهيل مأموريتهم.

مروان بنخلدون، الذي يسهر على تسيير المركز وهو من عائلة الراحلة سعيدة المنبهي، قال إن هذا المركز هو تكريم جيل اليوم لمرأة منحت حياتها لبلدها ومواطنيها، مشيراً إلى أن «سعيدة كانت تتميز عن غالبية مناضلي حقوق الإنسان بالتزامها الدائم من أجل الاعتراف بحقوق المرأة في مجتمعاتنا، فقد بدأت الكتابة عن المومسات المغربيات وهي في السجن، لكنها فارقت الحياة في سن مبكرة”.

وتسعى «دار سعيدة» في مراكش، حسب رئيسها مروان بنخلدون، إلى مواصلة معركة سعيدة المنبهي، عبر خلق نقاشات فكرية وندوات ثقافية ونواد للقراءة وجميع أشكال الأحداث الثقافية الممكنة لنقل رسالتها إلى الأجيال المتعاقبة للاستفادة منها.

ولم يكن اختيار مكان الدار اعتباطياً، فهي تتوسط حيا طلابياً بامتياز، وهو ما يجعل المنطقة مطبوعة بالدينامية المتواصلة، «هذا يسرنا كثيراً، لأننا نؤمن بحمل هؤلاء الشباب لحمل قيم المساواة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين والتحديث»، يضيف مدير المركز.

وتبقى حصيلة نشاط “دار سعيدة” في ظرف سنة ونصف السنة جيدة، حيث قال مروان إن المركز نجح في وضع المرأة المشتغلة في الصناعة التقليدية في صلب الاهتمام عبر تثمين منتوجاتها من زراب ومنتوجات محلية، إضافة إلى اكتشاف عدد من الشعراء والشاعرات من الشباب. كما تم إلقاء الضوء على موضوع الأمهات العازبات بفضل جمعية التضامن النسوي والمناضلة عائشة الشنا.

كما احتضنت الدار ورشات تدريب من لدن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب حول السياسات الاجتماعية وآليات المناصرة والترافع في حالة العنف ضد النساء، إضافة إلى نقاش مكانة المرأة في الإسلام والإسلام السياسي بحضور الحقوقية أسماء لمرابط والكاتب الروائي حسن أوريد.

إضافة إلى ذلك، انفتحت «دار سعيدة» على مواضيع أخرى، من بينها حرية الصحافة، إضافة إلى خلق ناد للقراءة يجمع اليافعين والشباب، والانفتاح على الفعاليات النسائية المغاربية بفضل تعاون مع مؤسسة هاينريش بول الألمانية.

حين يحل زائر لأول مرة بدار سعيدة يجد احتفاء كبيراً، فزيادة على رقي الدار باسمها وذكراها ونبل رسالتها، يستلم الضيف هدية عبارة عن كتاب يتضمن كتابات وأشعار ورسائل المنبهي في مرحلة السجن

شاهد أيضاً

christine2

“المرأة المحظوظة”.. فازت بمليون دولار في “اليانصيب” مرتين خلال 10 أسابيع

فازت امرأة “محظوظة” من ولاية ماساتشوستس الأمريكية، بالجائزة الكبرى في “اليانصيب”، بقيمة مليون دولار؛ وذلك …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by moviekillers.com