الرئيسية / أخبار / المرأة الفلسطينية في سوق العمل.. أفق واعد رغم التحديات
فلسطنتيبلاة

المرأة الفلسطينية في سوق العمل.. أفق واعد رغم التحديات

قطعت المرأة الفلسطينية في السنوات الماضية خطوات جبارة في مختلف المجالات التنموية في البلاد، وساهمت بشكل فعال في تعزيز النمو الاقتصادي، باعتبارها أساس المجتمع وشريكة في التنمية والتطور.

ولا تزال فلسطين ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحد من تطور اقتصادها، خاصة المتعلق بالتجارة الخارجية والمناخ الاستثماري، ويمنع الاستفادة من الأراضي المصنفة “ج” التي تشكل نحو 60 بالمائة من أراضي الضفة الغربية، عدا عن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من عشرين عاما.

وجائحة كورونا التي عصفت بالعالم خلال العامين الماضيين، ألقت بظلالها على الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير، إلا أن الناتج المحلي ارتفع بنسبة 6.7 بالمائة خلال عام 2021، مع بقائه أقل من مستواه ما قبل الجائحة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء.

ولأن تمكين المرأة وتحسين مركزها أمر أساسي لا بد منه لتحقيق مستوى أفضل نحو السير في التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية اللازمة، خاضت المرأة الفلسطينية مضمارا جديدا نحو سوق العمل وريادة الأعمال الاقتصادية، وإن كان بخطى خجولة.

حسب احصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2021، بلغ معدل البطالة للإناث 43 بالمائة مقابل 22 للذكور في فلسطين، وبلغ عدد العاملات فوق 15 سنة 157,152 عاملة، 52,208 يعملن في القطاع العام، و103,264 في القطاع الخاص، فيما أن 3,309 سيدات من صاحبات الأعمال والمشغلين بما يعادل 2.1 بالمائة ، و18,250 امرأة من صاحبات المشاريع التي تعمل وحدها بما يعادل 11.6 بالمائة من العاملات في الأنشطة الاقتصادية. في حين بلغ معدل البطالة 53 بالمائة بين الشباب (19-29 سنة) من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى، بواقع 66 بالمائة للإناث مقابل 39 بالمائة للذكور.

فيما سجل عام 2019 وجود 160,119 امرأة عاملة فوق 15 سنة، بينهن 50,297 في القطاع العام، و108,884 في القطاع الخاص، ويقدر عدد صاحبات الأعمال والمشغلات 4,385 بما يعادل 2.7 بالمائة من العاملات في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، و18,827 من صاحبات المشاريع بنسبة 11.8 بالمائة . حسب جهاز الإحصاء المركزي.

ويصف مدير السياسات في وزارة الاقتصاد الوطني رشاد يوسف، واقع المرأة في سوق العمل بالمتواضع رغم أنه يشهد تطورا، وأن النساء بتن يعملن في قطاعات مهمة، وأن هناك آفاقا جديدة لمساهمة المرأة بشكل أكبر في سوق العمل والاقتصاد المحلي.

وأضاف: نحو 7 من كل 10 ذكور مشاركون في القوى العاملة مقابل نحو 2 من كل 10 إناث، وبلغت نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة 17 بالمائة مقابل 69 بالمائة للذكور، ويرجع ذلك إلى خروج المرأة من سوق العمل بسبب الزواج.

نحو 14 بالمائة من العاملات هن أرباب عمل

وتابع: 14.4 بالمائة من الإناث العاملات هن أرباب عمل أو يعملن لحسابهن الخاص، في حين أن 21.5 بالمائة من الذكور العاملين هم أرباب عمل أو يعملون لحسابهم الخاص، مشيرا إلى أن نسبة الإناث تعد الأعلى منذ سنوات والتي كانت لا تصل إلى 8 بالمائة ، فيما أن غالبية المشاريع التي تديرها نساء هي متوسطة وصغيرة.

وأشار يوسف إلى أن عام 2021 شهد تراجعا في معدل البطالة بين الإناث مقارنة بعام 2020، مرجعا السبب للعوامل الاجتماعية التي تدفع الطالبات إلى دراسة تخصصات جامعية محددة خاصة المتعلقة بقطاع التعليم والتي لا تخولهن الدخول إلى سوق العمل، داعيا إلى ضرورة المواءمة بين التخصصات الجامعية وحاجة سوق العمل والتركيز على التخصصات المهنية والتقنية.

قطاع الخدمات الأكثر تشغيلا للنساء

وأوضح أن قطاع الخدمات هو القطاع الاقتصادي الأكبر الذي يتركز فيه عمل الإناث بنسبة 83.6 بالمائة ، وأن هناك توجها كبيرا للإناث في العمل في القطاعات الواعدة مثل قطاع تكنولوجيا المعلومات، والتسويق الالكتروني، مبينا أن نحو 1000 و1500 صفحة تسويق على مواقع التواصل الاجتماعي تديرها سيدات، وقطاع الصناعة يحتل المركز الثاني بنسبة 9.6 بالمائة ، أما الزراعة بنسبة 6.6 بالمائة ، وتتغيب المرأة عن قطاع الإنشاء إذ تعمل بنسبة 0.02 بالمائة ويقتصر وجودهن على الوظائف الفنية، أما قطاعا النقل والمواصلات والعمل في المحاجر فيعتبران حكرا على الرجال.

وتوقع يوسف أن تسرب العمالة من الذكور والعمالة المهرة من سوق العمل الفلسطينية إلى الخارج، سيترتب عليه احلال الإناث مكان الذكور في سوق العمل خلال السنوات المقبلة ما سيخلق فرصا للإناث خاصة في القطاعات الخدماتية.

البيئة التشريعية تضمن المساواة بين الذكور والإناث في العمل

وأكد أن البيئة التشريعية تضمن مساواة كاملة بين الإناث والذكور سواء في قانون العمل أو قانون الخدمة المدنية في الحقوق الاقتصادية، كأجور أو سجل تجاري وغيرها، بينما تكمن الاشكالية في التطبيق في القطاع الخاص، لافتا إلى أن القطاع المصرفي وقطاع الاتصالات لا يوجد فيها فروقات في الرواتب بين الاناث والذكور، أما في المنشآت الصغيرة وقطاعات مثل السكرتارية ورياض الأطفال والملابس والخياطة فتعطى العاملات في الغالبية أقل من الحد الأدنى للأجور والذي يقدر بـ1880 شيقلا، مشددا على ضرورة مراقبة الالتزام بالحد الأدنى من الاجور والذي يحتاج إلى جهد ميداني ووضع سياسات أشد وعقوبات على غير الملتزمين.

وقال يوسف: توجه الوزارة والمانحين المشاريع نحو النوع الاجتماعي والفئات المهمشة، وهناك مجموعة تدخلات عامة عملت عليها الوزارة تصب في مصلحة النساء منها: قانون الشركات الجديد الذي اعتمد نهاية عام 2020 ويعمل على تحفيز الاستثمار وسمح بشركة الفرد الواحد، وألغى الحد الأدنى لرأس المال، والتسجيل من خلال محامي، وجار العمل على التسجيل الالكتروني للشركات، إضافة إلى تصنيف وتعريف الشركات الصغير والمتوسطة والذي يعطيها فرصة للحصول على تمويل، وتنظيم قطاع المشاريع العاملة من المنازل وتسجيلهم لدى الوزارة، موضحا أن الوزارة بصدد اطلاق الاستراتيجية الوطنية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي ستستخدم في معالجة المشاكل والمعيقات الخاصة بالتسجيل وتنهي الاستغلال وتساعد على التمويل والتسويق.

أوضح أن الوزارة وفي إطار التمكين الاقتصادي للإناث قدمت مساعدات عينية من آلات ومعدات ومواد خام لـ90 مشروعا من المشاريع النسوية التي تضررت خلال جائحة كورونا، وأنه جار العمل على تقديم منح استكمالية من ضمنها مشاريع نسوية في مسافر يطا لدعم صمود المواطنين والمواطنات فيها، إضافة إلى مشاريع كندية موجهة للقطاع النسوي والشباب للتأهيل والتدريب في قطاع السياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، والذي تم من خلاله تدريب 6 آلاف متدرب ومتدربة وتأهيلهم لسوق العمل، وتقديم منح للمشاريع في المناطق المهمشة والمناطق المحاذية لجدار الفصل العنصري.

ولفت إلى أن الوزارة نظمت عددا من البازارات التي تعتبر أفقا هاما للتسويق الداخلي، وفتح أسواق مركزية في المحافظات للترويج للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي تقودها النساء والشباب والأشخاص ذوو الاعاقة، وأطلقت جائزة الابداع والتميز مخصصة للمؤسسات النسوية في الصناعات التقليدية والتراثية وفي الصناعات الغذائية.

ارتفاع نسبة الإناث في السجل التجاري 119.1 بالمائة خلال 2021

وبحسب التقرير الاحصائي السنوي 2021 من واقع السجلات الإدارية الصادر عن الإدارة العامة للسياسات والعلاقات الاقتصادية “دائرة السياسات والاحصاء” في وزارة الاقتصاد، فإن البيانات من منظور النوع الاجتماعي أوردت أن عدد الإناث المسجلات في السجل التجاري ارتفع بنسبة 119.1 بالمائة خلال 2021 مقارنة مع عام 2020، حيث تم تسجيل 252 أنثى مقابل 115، وشكلت الإناث ما نسبته 9.6 بالمائة من إجمالي عدد المسجلين في السجل التجاري خلال عام 2021.

وعلى صعيد المحافظات الشمالية (الضفة الغربية)، يلاحظ أن محافظة الخليل جاءت في المرتبة الأولى من حيث نسبة الإناث المسجلات من إجمالي عدد المسجلين في السجل التجاري لعام 2021 وذلك بنسبة 24.7 بالمائة ، تلتها محافظة رام الله والبيرة بنسبة 15.6 بالمائة ، ومحافظة نابلس بنسبة 13.6 بالمائة ، بالمقابل كانت أدنى نسبة تسجيل للإناث في السجل التجاري في محافظة سلفيت بنسبة 2.3 بالمائة ومحافظة طوباس بنسبة 0.2 بالمائة .

وبخصوص الأنشطة الاقتصادية التي تنشط فيها الإناث صاحبات المشاريع والمسجلات في السجل التجاري، يلاحظ تركز الإناث في أنشطة صالونات التجميل وبيع مواد التجميل والاكسسوارات وذلك بنسبة 8 بالمائة ، وجاءت أنشطة الخياطة وبيع الملابس بنسبة 6 بالمائة ، ومن ثم أنشطة المطاعم والمطابخ والحلويات بنسبة 6 بالمائة وأنشطة تجارة المواد الغذائية والتموينية (البقالة، السوبر ماركت) بنسبة 5.2 بالمائة.

894 سيدة مالكة أو مساهمة في شركة خلال 2021

وخلال عام 2021 تم تسجيل 2,156 شركة جديدة، وبلغ عدد الإناث المالكات/ المساهمات في هذه الشركات 894 أنثى، وقد ارتفع هذه العدد مقارنة مع السنة السابقة 2020 بنسبة 10.6 بالمائة ، حيث بلغ حينها حوالي 808 إناث، وعلى صعيد متصل شكلت الإناث ما نسبته 17.1 بالمائة من إجمالي عدد المالكين والمساهمين في الشركات التي سجلت عام 2021.

وفي ذات الشأن يصف مدير مركز الريادة وتطوير الأعمال في غرفة تجارة وصناعة رام الله والبيرة أيمن الميمي واقع النساء في سوق العمل بالمتطور والذي يحتاج إلى حاضنة وتحفيز لتسريع تطوره.

وأضاف: تركز غرف التجارة والصناعة على المرأة انطلاقا من أنها تشكل نصف المجتمع، ولأهمية دورها في عملية التنمية، خاصة وأن 60 بالمائة من الخريجين من الجامعات هن من الإناث، لافتا إلى أنه رغم ارتفاع نسبة الخريجات إلا أنهن يشكلن 17 بالمائة فقط من القوى العاملة فيما تتراوح نسبة مشاركة المرأة في القطاع الخاص من 3 إلى 5 بالمائة .

وأشار الميمي إلى أن الغرف التجارة وفي اطار عملها لتمكين المرأة اقتصاديا، أنشأت ركن التشغيل الذي يربط بين الباحثين والباحثات عن عمل مع الشركات، ونقوم بتدريبهم على المهارات الفنية والمهنية والتقنية للانخراط في سوق العمل، وتشكل نسبة الإناث 25 بالمائة من المتدربين، ونظمنا دورات بالتعاون مع مراكز التدريب المهني في المحافظات، إضافة إلى دورات لرياديات الأعمال، موضحا أن هناك 14 غرفة تجارية في فلسطين، في كل منها وحدة للنوع الاجتماعي تهتم بالرياديات في مجالس الهيئة العامة في الشركات.

11 بالمائة من النساء العاملات عضوات في هيئات عامة و28 بالمائة منهن يقدن الأعمال

ولفت إلى أن هناك ضعفا واضحا في وصول المرأة للمواقع القيادية، إذ إن ما يقارب 11 بالمائة من النساء عضوات في الهيئات العامة للشركات و28 بالمائة منهن يقدن الأعمال، في حين يتركز وجود المرأة في مجالس إدارة الغرف التجارية في رام الله وقلقيلية.

وأوضح الميمي أن الغرف التجارية تستهدف في برامجها بالتعاون مع بنك فلسطين والجمعية الفلسطينية لصاحبات الأعمال “أصالة” القطاع غير المنظم، سواء بالبرامج التدريبية والاستشارات المجانية وشبه المجانية والتسويقية والمالية.

التسويق والتمويل أبرز المعيقات والتحديات أمام النساء في سوق العمل

وعن المعيقات والتحديات التي تواجه النساء في سوق العمل، قال الميمي: إن أبرز المعيقات تتمثل في التسويق والوصول إلى التمويل لعدم توفر ضمانات للحصول على التمويل اللازم، ما يدفع غالبية النساء في الحصول على التمويل من خلال مؤسسات الاقراض التي تمنح قروضا بفائدة عالية، كذلك عدم اطلاع النساء على الخدمات التي تقدمها الغرفة التجارية يشكل معيقا هاما، وفي سبيل ذلك قدمنا 45 حملة توعية للنساء في القطاع غير المنظم.

وحث النساء على أخذ زمام المبادرة والاطلاع على الفرص المتاحة، خاصة أن الآفاق الاقتصادية اتسعت مع ظهور فرص المشاريع الرقمية والتسويق الالكتروني والتي من شأنها أن تخلق واقعا جديدا للنساء.

ودعا الميمي إلى ضرورة التمكين الاقتصادي للمرأة خاصة في ريادة الأعمال والذي ينعكس على أدوارها الأخرى المختلفة والضرورية لاحداث تنمية.

12 بالمائة من الأسر الفلسطينية ترأسها نساء

بحسب احصائيات جهاز الاحصاء المركزي الصادرة في آذار من العام الجاري، بلغ عدد الإناث في فلسطين عام 2021، 2.63 مليون، وبنسبة بلغت 49 بالمائة ، وترأس النساء حوالي 12 بالمائة من الأسر في فلسطين، بواقع 12 بالمائة في الضفة الغربية و11 بالمائة في قطاع غزة.

وبلغت نسبة الطالبات الملتحقات في مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية 61 بالمائة من مجموع الطلبة الملتحقين في مؤسسات التعليم العالي للعام الدراسي 2020/2021، وارتفعت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة لعام 2021 مقارنة مع عام 2020، حيث بلغت 17 بالمائة من مجمل النساء في سن العمل خلال عام 2021 بعد أن كانت 16 بالمائة في عام 2020، مع العلم أن نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة بلغت 69 بالمائة و65 بالمائة لنفس الفترة.

شاهد أيضاً

التقاء الأسرة يخفف من القلق والتوتر

قطر ..خبيرات: ترتيب الأولويات يعزز مشاركة المرأة في قضايا التنمية

أكد عدد من الخبيرات في مجالات البرمجة العقلية والنفسية والتنمية البشرية أهمية وضع جدولة منتظمة …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by moviekillers.com