أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار / سارة… المرأة اللغز في حياة العقاد
سارةة

سارة… المرأة اللغز في حياة العقاد

عمرو مجدح

«ولئن خشيت حبا فإنما هذه الفتاة التي يحق لي أن أخشى حبها وأخشاها»،
بهذه الكلمات يختزل عباس العقاد حكايته مع المرأة اللعوب التي عشقها حد الثمالة وشهدت علاقتهما مدا وجزرا وفصولا من الجنون والشك والغيرة، وكتب عنها روايته «سارة»، وكما أنشد عبد الحليم حافظ يوما «الرفاق حائرون، يتساءلون، حبيبتي أنا من تكون؟» ذهبت أكثر الآراء إلى أن سارة هي الكاتبة والمترجمة أليس داغر، والبعض الآخر يميل إلى أن العقاد قد دمج بين شخصية أليس والممثلة مديحة يسري التي عاش معها قصة حب لا تقل ضراوة فخلق من هذه المزيج المرأة المسخ (سارة) ربما يعود ذلك لارتباط القارئ بالمخزون المصور من أفلام حفظ من خلالها انفعالات وطريقة كلام ومشي مديحة يسري، فبات يستحضرها كلما قرأ الرواية، يصف العقاد سارة قائلا: «كانت امرأة معتزة بجمالها ومكانتها تحب الضحك وتفطن إلى الفكاهة وتغرق عينها بالدموع من شدة الضحك». كانت أغلب لقاءاتهما الغرامية في صالة السينما، وكانت دائما تقارن بينها وبين بطلة الفيلم، إذا أحست إعجابه بها، سألته مرة إذا سمحت لك هذه الممثلة بقبلة هل تقبلها؟ كانت لها عادة بعد كل لقاء تسحب المفكرة من جيبه وتكتب فيها سطرا أو جملة تعبر عن شعورها بعد اللقاء، فكتبت له يوما بعد مشاهدة فيلم «أرجو أن لا ترى المرأة المحتالة إلا في السينما».
أما هو فكان يراها «سيدة الأكاذيب» كما عنوان الرواية التي قرأها حينها للكاتب الفرنسي بول بورجيه، التي تحكي عن امرأة لعوب. كانت «سارة» صريحة وواضحة مع نفسها والآخرين لأبعد الحدود، لا تؤمن بالصداقة بين النساء والرجال، وكانت تتلو خطاياها أمامه كما تعترف الخاطئة أمام كاهن الكنيسة، معترفة بعلاقاتها السابقة أمامه مع أكثر من رجل ولم تبال إذا كان حبيبها الأول عشقها كان يكفي أن تحبه هي!

صراحتها الزائدة جعلت ثورة الشك تنهض في رأسه ما جعله يكلف صديقة «أمين» بمراقبتها وتتبع حركاتها وفي إحدى الليالي التي قرر فيها الفراق كتب لها رسالة قائلا:
«في أي بساطة كنت تتحدثين عن علاقاتك بالرجال وخلوتهم هنا وهناك.. وكأنما كنت تفخرين هل أصدق حقا أنك تلك المرأة التي لم يبق لها إلا هذا الفخر الأليم، وهل حقا أنت تلك المرأة التي تجد سعادتها في هذا المجال؟
ما تمنيت ولا أتمنى شيئا كما أتمنى أن أراك بعين الإعجاب والفخر والمحبة ولكنني أقول لك وأنا آسف إن فقدك لم يكن هينا عليّ في وقت من الأوقات كما هو هين الآن، فإذا كتبت إليك هذه الكلمات فإنما هي كلمة صديق يريح ضميره وواجب أخير لابد من أدائه».
في نهاية الكتاب وفي أسطر قليلة وبشكل خجول تكتشف أن بطل الرواية همام (العقاد) كان يحب امرأة أخرى منذ لقائه الأول مع (سارة) كانت علاقته مع المرأة الأخرى خاصة جدا، شبهها وكأنهما شجرتان يتلاقيان وكلاهما على جذوره ويتلامسان بأهداب الأغصان أو نفحات النسيم العابر وقد أعطى تلك المرأة اسم (هند). أما آراء النقاد فأشارت إلى أن تلك المرأة لم تكن إلا الكاتبة مي زيادة وبالمقارنة بين هند وسارة قال: إذا كانت سارة قد خلقت وثنية في ساحة الطبيعة فهند خلقت راهبة في دير، ومن غـــير حاجــة إلى دير! تلك مشغولة بأن تحطم القيود أكثر ما استطاعت، وهذه مشغولة بأن تصوغ حولها أكثر ما استطاعت من قيود ثم توشيها بطلاء الذهب وترصعها بفرائد الجوهر، تلك يومها جمعة الآلام وتلك شم النسيم.
في النهاية نجد أنفسنا أمام علاقة ثلاثية الرجل الحائر بين امرأتين، إحداهما سيدة الألاعيب والدهاء الأنثى الأشبه بتمثال إغريقي، والأخرى المثالية لأقصى حد. أحبهما في آن.
ويبقى السؤال إذا كان في حياة الرجل حب كبير وامرأة مثالية ومحافظة، لماذا يقع في شباك امرأة لعوب ويغوص في بحار من الغيرة والشك؟ هل حقا يحب الرجل المرأة العصية على الترويض ويخاف الارتباط بها؟ لم يتزوج العقاد أبدا وفضل حياة العزوبية، كانت لديه عقدة من المرأة لم يكشف يوما عن سببها ويصفه المقربون بأنه يسيء الظن بالمرأة دائما
وقد قيل عنه إنه «عدو المرأة» بعد كتابه «المرأة في الإسلام» الـــذي خلص فيه إلى أن المرأة مخلوق تابع للرجل، وفي واحد من الحوارات التلفزيونية النادرة مع المذيعة أماني ناشد عام 1962 قال إنه ليس من أعداء الزواج. وعن آرائه القاسية بحق المرأة ومنها بعض المقالات في كتاب «هذه الشجرة» اعتبر أن كل آرائه في كتبه دليل رحمة وعطف على المرأة، لأنها لو تحققت تكون تكفلت للمرأة بالحياة البيتية التي تصلح لها، وأن الرجل أنفع منها في تولي مناصب الدولة والمنزل ميدانها الطبيعي المقدس.

٭ كاتب عماني

*القدس

شاهد أيضاً

اردنيات

الأردن..تمكين المرأة يواجه تحديات في بيئة العمل وبناء القدرات

أظهر تقرير سير العمل في الربع الأول من البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي، وجود تحديات …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by moviekillers.com