أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار / أمثلة عن فروسية المرأة العربية المسلمة
فارسةةو

أمثلة عن فروسية المرأة العربية المسلمة

جعل الإسلام المرأة المسلمة في أحسن موضع، لم تعرفه ولن تعرفه إلاَّ بالإسلام وحده، وتكريمه لها– كشقها وشقيقها الرجل- طبيعي، فالله تعالى كرم الإنسان، كل إنسان: «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» (الإسراء: 70) وذلك بديهي لمن فهم الحياة بعيون كريمة. وهو واضح لأهل الإسلام ومعروف موصوف للمنصفين من غير أهله، فقد خلق الله تعالى المرأة والرجل من نفس واحدة.

وخير شاهد على ذلك نسوقه من عبقرية اللغة العربية لغة القرآن الكريم من أن كلمة إنسان تطلق على الذكر والأنثى سواء بسواء فلا يقال في اللغة العربية إنسانة وإنما إنسان فقط ومثل ذلك كلمة زوج فالرجل زوج المرأة والمرأة زوج الرجل.

ومشاركة المرأة في بناء الحياة الإسلامية وترسيخ قواعدها لا تحتاج إلى إثبات، ودورها لا يقوم به غيرها، وأوله تربية النشء وإعداده وتقويمه، تمد به الحياة الفاضلة، ومع كل ذلك فقد قامت بكل دور آخر يتناسب ووظيفتها التي أعدها الله سبحانه وتعالى لها، مما يتماشى وفطرتها وتكوينها وخلقتها. وهذا واضح منذ الحياة الإسلامية الأولى أيام الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومنذ العهد المكي وهو ما سارت عليه الأجيال في القرون التالية.

أليس أول مؤمن امرأة وأول شهيد امرأة، وأول مهاجر إلى الحبشة امرأة، وأول مهاجر إلى المدينة المنورة امرأة، وأول فدائية امرأة، وأول من روى نزول سورة الأنعام جملة واحدة في مكة امرأة، وأول من هاجر الهجرتين وصلى القبلتين امرأة. وأول من بني جامعة في الإسلام والعالم (جامعة القرويين في مدينة فاس بالمغرب أقامتها السيدة فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني عام 245هـ- 859م). وغير ذلك كثير، وهذه هي المفاخر والأمجاد التي تبقي على مدى القرون شاهدة ناطقة.

كما ضربت المرأة المسلمة بسهم كبير في كل الميادين في العالم الإسلامي، وبكم وفير، فكانت أديبة ومربية ومعلمة وموجهة وعالمة وفقيهة وطبيبة وحتى فارسة.

ولدينا في هذا أمثلة رائقة للفروسية في حياة المرأة العربية المسلمة في الأندلس. من ذلك:

– المرأة الأندلسية التي هتفت: واغوثاه بك يا حكم: في عصر الخليفة الحكم الثاني المستنصر بالله (ت: 366هـ – 976م) كانت هناك امرأة أندلسية مدافعة مقاتلة ضمن الجند الذين واجهوا اعتداءات الإسبان، ولكنها وقعت في الأسر في منطقة وادي الحجارة (57 ميلاً شمال شرقي مدريد اليوم). وكان القاضي الشاعر عباس بن ناصح الجزيري قريباً من موقع أسرها، فسمعها تستغيث وتقول: وا غوثاه بك يا حكم لقد أهملتنا حتى كَلِبَ العدو علينا فأيّمنا وأيتنما، فسألها عن شأنها فذكرت له قصة أسرها، فأبلغ الشاعر الأمير بقصيدة استغاثة، كان منها:

تدارك نساء العالمين بنصرةٍ

فإنك أحرى أن تُغيث وتنصُرا

فما كان من الحكم إلا أن نادى بالجهاد والاستعداد وجهز جيشاً قاده بنفسه، وسار إلى وادي الحجارة، وأنقذ المرأة المسلمة وجميع أسرى المسلمين. وقال لها: هل أغاثك الحكم، فقالت: نعم، ودعت له.

ولعل هذه الحكاية تقترن بأمثالها من مثل قصة المرأة المسلمة المشرقية التي استغاثت بالخليفة العباسي المعتصم بالله ابن هارون الرشيد (ت: 227هـ- 842م) قائلة: وامعتصماه، فأنجدها بحملة عسكرية مهيبة فتح على إثرها عمورية. والقصة: أن امرأة ممن وقعت في أسر الروم قالت: وامعتصماه، فنُقل إليه ذلك الحديث، وفي يده قَدَح يريد أن يشرب ما فيه، فوضعه، ونادى بالاستعداد للحرب، وأمر بأن يستعد الجيش لمحاصرة عمورية فمضى إليها فلما استعصت عليه قال: اجعلوا النار في المجانيق وارموا الحصون رمياً متتابعاً ففعلوا فاستسلمت ودخل المعتصم عمورية فبحث عن المرأة فلما حضرت قال لها: هل أجابك المعتصم قالت نعم أعز الله ملك أمير المؤمنين بحسبي من المجد أنك ثأرت لي. بحسبي من الفخر أنك انتصرت لي.

– جميلة العذراء بنت عبدالجبار بن راحلة: اشتهرت جميلة بجمالها وبشعرها، كما بالشجاعة والنجدة والفروسية ولقاء الفرسان ومبارزتهم حتى في العساكر.

والقصة حين ثار أخوها محمود ضد السلطة الأندلسية في قرطبة، وكانت هي تدعوه إلى الطاعة وهو يدعوها إلى الخلاف، لجأ أخوها وبعض أتباعه إلى مملكة ليون عاصمة إسبانيا يومذاك مستجيراً بملكها ألفونسو الثاني، وفي ليون استمرت أخته جميلة تدعوه إلى العودة وطاعة السلطة الأندلسية في قرطبة ونبذ الخلاف، حتى رأى فعلاً أنه لا يصح الاستمرار في هذا الشأن فندم على ذلك وكاتب الأمير عبدالرحمن الأوسط (ت: 238ه- 852م)، لكن ألفونسو أحس بتلك المكاتبة فخشي أن ينقلب سلاحاً ضده، فواجهه مع جنده وأحاطوا به وبأخته ومن معهما وهم في طريق عودتهم إلى قرطبة. فحاربوهم، وجميلة وأخوها ومن معهم يصولون ويجولون مدافعين ببطولة، حتى تمكنت جميلة من إحداث ثغرة في جند ألفونسو لتنطلق هي وأخوها ومن معهم إلى قرطبة سالمين.

– عائشة الحرة: زوجة سلطان الأندلس أبو الحسن علي الغالب بالله، وأم آخر ملوك غرناطة محمد الحادي عشر، أبو عبدالله الصغير، الذي وقع معاهدة استسلام وتسليم غرناطة للملكين الكاثوليكيين فرناندو وإيزابيل في 1491م ، وكانت هذه المعاهدة بداية القصة الأليمة لأفول شمس الإسلام من سماء الأندلس ثم كان الاستيلاء الكامل علي غرناطة سنة 897هـ- 1492م. رحل هذا الملك الصغير من غرناطة نهائياً إلى المغرب، بعد معارك مقفرة مفقرة مدمرة وقف لها أبطالها بقيادة فارسها المُعلم المعارض للتسليم موسى بن أبي الغسان، وبينما هذا الملك الصغير خارج من غرناطة في طريقه إلى المغرب مع أسرته وقف وهو على فرسه فوق تل البذول ينظر إلى غرناطة، الدرة الفريدة المضيعة التي سلمها لقمة سائغة للعدو الذي كسر ودمر ثم هجَّر، وقف فقال: الله أكبر. ثم انفجر باكيا متأسفاً على غرناطة الحبيبة الجميلة، وتعرف تلك الأكمة التي كانت مسرحاً لذلك المنظر المحزن في الرواية الغربية باسم زفرة الأندلسي الأخيرة:

بالإسبانية:

EL ULTIMO SUSPIRO DEL MORO

وبالإنكليزية:

THE LAST SIGH OF THE MOOR

وهنا قالت له أمه عائشة الحرة متأثرة معيرة له مُسكتته: ابك مثل النساء ملكاً لم تحافظ عليه مثل الرجال!!

ابك مثل النساء ملكاً مضاعاً

لم تحافظ عليه مثل الرجالِ

فذهبت عبارتها حكمة ثاقبة باقية مأثورة، ولعلها هي أيضاً زفرت حزناً أصيلاً، لأنه لم تُجد معه تربيتها وأمومتها، البريئة من ذلك كله ومنه.

 

شاهد أيضاً

اردنيات

الأردن..تمكين المرأة يواجه تحديات في بيئة العمل وبناء القدرات

أظهر تقرير سير العمل في الربع الأول من البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي، وجود تحديات …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by moviekillers.com