أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار / لماذا تدنت مشاركة المرأة الأميركية في سوق العمل؟
برايس

لماذا تدنت مشاركة المرأة الأميركية في سوق العمل؟

في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، بدت المرأة العاملة في كل مكان، مع تمتع مسلسل «ميرفي براون» الذي يتناول قصة امرأة غير متزوجة تتميز بقوة الشخصية، بشهرة واسعة، بجانب أعمال درامية أخرى حظيت بمشاهدة واسعة، مثل «ووركينغ غيرل» بطولة النجمة ميلاني غريفيث و«مسيز داوتفاير» التي لفتت الأنظار بشخصية الأم قاسية القلب.
ورغم أننا لم نكن على علم بذلك حينها، شكلت تلك الفترة ذروة حقبة المرأة الأميركية العاملة. وبدا من المناسب تماماً أن يودع مسلسل «ميرفي براون» جماهيره عام 1998، ذلك أنه في غضون عامين فقط وصل نصيب المرأة الأميركية فوق الـ16 عاماً من قوة العمل إلى ذروته: 60.3 في المائة في أبريل (نيسان) 2000.
وقد يشكل أواخر عقد التسعينات – الذي عرف باسم عقد «ميرفي براون» – الفترة المثلى على الإطلاق بالنسبة للمرأة الأميركية العاملة.
كان التدفق المستمر، الذي بدا حتمياً، لأعداد كبيرة من الأميركيات على سوق الوظائف مدفوعة الأجر قد بدأ أثناء الحرب العالمية الثانية. بالتأكيد، كانت المرأة تعمل قبل الحرب، لكن عادة ما اقتصر ذلك على فئات معينة من النساء: صاحبات البشرة الداكنة، اللائي اضطررن دوماً تقريباً إلى العمل، والنساء غير المتزوجات. أثناء وبعد الحرب، فتحت سوق العمل أبوابها فجأة أمام مزيد ومزيد من النساء.
وعلى امتداد العقود التالية، انكمشت الفجوة في الأجور بين النوعين، وأصبحت النساء على درجة عالية من التعليم وزادت فرص نيلهن لوظائف أعلى مكانة. وسنحت للنساء فرصة تحديد متى يمكنهن الإنجاب مع توفر وسائل منع الحمل على نطاق واسع، وتوجيه مزيد من الاستثمار إلى حياتهن المهنية. بداية من أواخر سبعينات القرن الماضي، كشفت استطلاعات للرأي تنامي أعداد الأميركيين الذين يقبلون، بل ويؤيدون فكرة عمل المرأة خارج المنزل.
إلا أنه بحلول مطلع العقد الأول من القرن الـ21، توقف تنامي نصيب المرأة العاملة في سوق العمل. ومنذ حقبة الركود الاقتصادي، تراجع هذا النصيب. اليوم، تزيد النسبة قليلاً عن 57 في المائة. في الواقع، لقد قضينا كثيراً من الوقت في القلق بخصوص الرجال الأميركيين. وبدا ثمة انخفاض مفاجئ في نسبة مشاركتهم في قوة العمل منذ نهاية خمسينات القرن الماضي. ومع ذلك، طوال تلك الفترة كانت نسبة مشاركة الرجال في سوق العمل أعلى دوماً عن النساء.
حتى أواخر تسعينات القرن الماضي، احتلت الولايات المتحدة مكانة بارزة بين الدول المتقدمة بفضل ارتفاع معدل مشاركة المرأة في قوة العمل. إلا أنه في ذلك الوقت، بدأت دول أخرى في اللحاق بركب أميركا.
من جانبها، قالت هيدي هارتمان، رئيسة معهد أبحاث سياسات المرأة: «لاحظنا الأمر فور حدوثه». جدير بالذكر أن المعهد يتولى وضع تقرير سنوي حول الأوضاع الاقتصادية للنساء داخل كل من الولايات الأميركية. عام 1998، بعث المركز بمراجعة لبعض الخبراء في فيرمونت تضمنت بيانات تكشف تراجع المرأة في قوة العمل داخل الولاية، ما شكل نذيراً لتوجه وطني جديد. وأشارت هارتمان أن الخبراء ردوا بأنه: «لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً»، مضيفة أنه: «عكفنا على مراجعة الأرقام مجدداً وبعثنا لهم رسالة تؤكد أن الأرقام صحيحة».
على ما يبدو، بدأ التغيير حول فترة الركود التي حلت عام 2001. حتى ذلك الوقت، ظلت النساء في تدفق مستمر إلى داخل سوق العمل.
الملاحظ أن عدداً من العوامل ربما اجتمعت في ذلك الوقت. أما اليوم، فتحصل أعداد أكبر من النساء على درجة البكالوريوس عن الرجال. وتكشف الأرقام أن رواتب الأزواج نمت بمعدل أسرع عن رواتب الزوجات خلال تسعينات القرن الماضي، الأمر الذي ربما ثبط النساء المتزوجات نهاية الأمر عن الاستمرار في سوق العمل. وظلت الفجوة في الأجور بين النوعين ثابتة نسبياً لبعض الوقت، ما منح النساء حافزاً أقل للعمل.
وبالنسبة للنساء صاحبات الأجور الأدنى، زاد وضع العمل ذاته سوءًا. على سبيل المثال، خلص بحث أجراه روبرت موفيت، الباحث الاقتصادي لدى جامعة جونز هوبكينز، إلى أن التراجع في مشاركة المرأة في قوة العمل، خاصة في أوساط النساء الأقل تعليماً، يعكس الوضع لنظرائهم الرجال.
وأشار موفيت إلى أن تسعينات القرن الـ20 شكل نقطة تحول، ذلك أن كل مكتب أصبح به فجأة جهاز كومبيوتر. وأشار إلى أن هذا الأمر: «امتد على مستوى الاقتصاد بأكمله، ولا يرتبط بنوع معين». ومثلما تسببت التكنولوجيا في تقليص أعداد الوظائف داخل المصانع، فإنها أدت كذلك إلى تضاؤل أعداد وظائف السكرتارية وصرافي البنوك وبائعي التجزئة.
كما ازداد اعتماد الوظائف منخفضة الأجر على جداول عمل متنوعة، الأمر الذي زاد صعوبة رعاية الأطفال. أيضاً، امتدت ساعات العمل لفترات أطول على نحو متزايد، الأمر الذي أضر بالنساء على نحو أكبر.
وحتى في الوقت الذي جاهدت النساء لشق طريقهن نحو سوق العمل، لم تحرك الولايات المتحدة ساكناً لمعاونة أبنائها على العمل وبناء أسرة في الوقت ذاته. وعلى خلاف الحال مع جميع الدول المتقدمة الأخرى، لا تكفل الولايات المتحدة للوالدين أي إجازة مدفوعة الأجر إذا كان لديهما أطفال.
وتوصل الباحثان فرانسين بلو ولورانس كان، الخبيران الاقتصاديان بجامعة كورنيل، إلى أنه في الوقت الذي احتلت الولايات المتحدة المركز السادس عالمياً من حيث مشاركة المرأة في قوة العمل عام 1990، فإنها تراجعت إلى المركز الـ17 بحلول عام 2010. ويرى الباحثان أنه من الممكن إيعاز ثلث هذا التراجع إلى حقيقة أن دولاً متقدمة أخرى أقرت ووسعت نطاق سياسات مثل الإجازة الأسرية مدفوعة الأجر وإعانة رعاية الطفل وترتيبات العمل المرنة، بينما لم تتخذ الولايات المتحدة أي خطوة تقريباً في هذا الاتجاه.وقد تكون الأميركيات اللائي تمتعن بأفضل ظروف مكنتهن من النجاح على صعيدي العمل والأسرة – اللائي واجهن أقل عدد ممكن من العقبات فيما يخص رعاية الأطفال وتحقيق توازن بين العمل والحياة الأسرية – قد نجحن بالفعل في اقتحام سوق العمل، بينما ظلت الأخريات اللائي يواجهن تحديات أكبر خارج هذه السوق. وعن هذا، قالت البروفسورة بلو: «تمكنت كثير من النساء من توفيق أوضاعهن ويشاركن بالفعل في قوة العمل، لكن كيف ستتمكن الباقيات من العمل دون إجراء تغيير؟».في الواقع، معاونة المرأة على دخول سوق العمل ليس مجرد أمر لطيف من الأفضل فعله، وإنما الحقيقة أن الاستمرار في دفع المرأة نحو الخروج من السوق يضر بالاقتصاد. مثلاً، خلص تحليل أجري عام 2012 إلى أن الاقتصاد كان سيصبح أصغر بنسبة 11 في المائة، لو أن معدل مشاركة المرأة في سوق العمل ظل على المستوى القائم أواخر سبعينات القرن الماضي.من جانبه، سبق وأن أعلن الرئيس ترمب أنه يسعى لتحقيق نمو بإجمالي الناتج الداخلي بنسبة 3 في المائة. وأعتقد أنه من الأفضل له أن يركز اهتمامه على زيادة أعداد النساء العاملات.
*خدمة: «نيويورك تايمز» برايس كوفيرت/ الشرق الاوسط .

شاهد أيضاً

ايطاتاا

“لا يزال هناك غدٌ”: تأمّل سينمائي في حال المرأة الإيطالية

تُنجر الممثلة والمخرجة الإيطالية باولا كورتيليزي، في “لا يزال هناك غدٌ” (2023)، إغواء مقاربة الواقع …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by moviekillers.com