أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار / ثلاث نساء يكتبن القضية الفلسطينية باللغة الإنكليزية
كتبق

ثلاث نساء يكتبن القضية الفلسطينية باللغة الإنكليزية

*رقية العلمي:

ساهمت المرأة الفلسطينية في ترسيخ القضية الفلسطينية في أذهان الأجيال المتعاقبة، فمنذ أن حملت على عاتقها مهمة نقل التراث الشعبي والموروث الثقافي بذلك ساهمت في الحفاظ على الهوية، الدافع الرئيس وراء تعزيز وإثبات الحق الفلسطيني في أرضه والتمسك بحق العودة.
الكتابة عن الحرب ليست بالأمر اليسير؛ ففي الحرب تغدو الكتابة عصيّة، ولا يختلف الحال عن الاحتلال والحصار. ليس سهلاً سرد النكبة والنكسة ثم الانتفاضة، وخيبات الأمل المتتالية عقباً ومعاناة السكان، إنها نصوص الغارات والمداهمات ترسم معاناة شعب رازح تحت الاحتلال، مجازر جماعية وإغلاقات، كتل إسمنت تسد الشوارع مانعة الشاحنات من المرور والدوريات تحوم والدبابات حول البيوت، إنّه منع التجول تقطع صمت لياليه أصوات طلقات رصاص المستوطنين، بينما أوامر الحاكم العسكري وضابط المخابرات تستهدف العجائز قبل الشباب والأطفال.
3 نساء فلسطينيات فضّلن كتابة سيرتهنّ الذاتية وذكرياتهن حول معاناة الفلسطينيين من الحروب والاحتلال الإسرائيلي… كُتب تدحض الرواية الإسرائيلية حول تزييف التاريخ وإخفاء ممارساته القمعية الموجهة ضد الشعب الفلسطيني المحاصر. إنّها سياقات القضية الفلسطينية بعيون النساء لم تُحكَ باللغة العربية بل نُقلت باللغة الإنكليزية.
لماذا آثرت الكاتبات الثلاثة الكتابة باللغة الإنكليزية؟
حسب المؤرخ أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت سميح حمودة، «يدرك الفلسطينيون أهمية مخاطبة العالم الغربي باللغة التي يفهمها، وأن يوصل إلى عقول مفكريه حقائق قضيته ووضعه والقمع الذي يتعرض له منذ عقود طويلة، والتجارب الذاتية جزء من الأدب الذي يجد قراءً ومهتمين في اللغات المختلفة».

الحرب من دون شوكولاتة

مذكرات امرأة تعيش حياتها من خلال ثلاث حروب وأربعة أطفال شاهدة على نكبة عام 1948 تلتها حرب 1967 التي نتجت عن احتلال القدس والضفة الغربية وغزة. كما تكتب في السياق عن الحرب الأهلية اللبنانية، حيث كانت تزور والديها المسنين. يلقى الكتاب نظرة من وراء الكواليس على مدينة القدس، من خلال الحروب التي مرّت على المدينة، ليشير إليها أحدهم بأنّ الحياة التي عاشتها في الصراعات السياسية في فلسطين فيها قصة تستحق القول. ومن هنا ولدت فكرة كتابة هذه السيرة الحافلة، وهي قصة ملهمة تعكس الوحشية اللاإنسانيّة في الحروب، وتغيير الحدود لتترك آثاراً عميقةً متغيرةً وانتكاساتٍ على حياة الشعب الفلسطيني، وبضمنها تقسيم العائلات وتشتيت شملهم ليتحول بيتهم ملاذاً للكثير من الناس الذين تقطّعت بهم السُبل.
ولدت بيتي داغر وترعرعت في لبنان، أثناء دراستها التمريض التقت الطبيب المقدسي أمين مجج. وبعد زواجها منه، انتقلت للعيش في القدس لتعيش حياة مروعة بسبب ويلات الحروب، التي عاشت مستذكرة الأهوال، التي شاهدت من خلال إدارتها لمستشفى ميداني للإسعاف خلال حرب 1948. سخّرت بيتي حياتها للعمل في العديد من الأعمال الخيرية والتطوعية، خاصة لجهة الأطفال المعاقين في القدس.

تأملات من فلسطين: رحلة الأمل

تبدأ المذكرات عشية حرب 1967: «بين ليلة وضحاها، وجد كل سكان الضفة الغربية من الأردن وقطاع غزة أنفسهم يواجهون واقعاً جديداً – احتلالاً عسكرياً – أمة لم تكن مستعدة للحرب ولا للاحتلال». «أنا فلسطينية عشت الحرب والاحتلال والانتفاضة: أقول دائما: بالتأكيد كل امرأة فلسطينية لديها قصة وكل قصة هي قصة خاصة، لكنني اخترت نشر قصتي في حين أن المئات من النساء الفلسطينيات الأخريات لاقين المصير نفسه، ولكن لسوء الحظ بقيت كلماتهن غير مسموعة!».
مذكرات ناصر هي الألم الذي عايشه الشعب الفلسطيني على الجسر، حيث العبور من الأردن إلى الجانب الإسرائيلي، ومعايشة تجربة إذلال التفتيش الشخصي، كما عند بوابة السجن والوقوف لساعات على نقاط التفتيش عند الحواجز. هي معاناة الأمهات في زيارة أبنائهن الأسرى، وإغلاق المدينة المقدسة والعقبات والحواجز التي تعترض الحق في حرية الحركة، قيود منعت ممارسة حرية الأديان للمسلمين والمسيحيين من أبناء فلسطين. تقابلها في الوقت ذاته صور ومواقف تبرز التكافل في المجتمع الفلسطيني بين الأُسّر والأصدقاء والجيران، والتآخي خلال الحرب وخلال الانتفاضة. وفي أيام منع التجول.
متوازياً مع فعاليات حافظت على الهوية الفلسطينية من خلال الموسيقى والدراما والفن والأدب، ووسائل إبداعية أخرى غير عنيفة للمقاومة؛ كنموذج تدون نشاطات الأوكسترا الوطنية الفلسطينية، ومعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى خلال الإنتفاضة. سامية ناصر خوري، متزوجة من يوسف خوري، وتنحدر من عائلة ناصر المقدسية، حيث أُجبر والدها السياسي والمعلم موسى ناصر في العام 1948 لمغادرة القدس، فسكن في قرية بيرزيت ليقوم في عام 1951 بتطوير مدرسة بيرزيت التي أسستها كل من نبيهة ناصر وأديبة شقير في عام 1924 إلى كلية بيرزيت، لتصبح جامعة بيرزيت واحدة من أكبر الجامعات الفلسطينية.
تخرج الفوج الأول لطلبة جامعة بيرزيت في عام 1976، ولتأخذ المناسبة مظهراً فلسطينياً، قامت سامية بتصميم وشاح التخرج بالتطريز الفلسطيني حاكته فتيات من جمعية إنعاش الأسرة، وما زال الوشاح هو الشعار المعتمد لزي خريجي الجامعة بيرزيت.
وتمثل مسألة إبعاد أخيها حنا ناصر من فلسطين إلى الأردن قصة واحدة من بين آلاف العائلات الفلسطينية، التي واجهت إبعاد أحد أفراد أسرتها والدتها ليندا ناصر نموذجاً على فراش الموت متلهفة لرؤية ابنها المُبعد، فتموت بدون أن تسمح الظروف بهذا اللقاء. اعتبرت سامية بأنّ موت ثلاث شخصيات فلسطينية كان خسارة كبيرة لفلسطين: خلال جنازة فيصل ظهرت عروبة القدس بقوة، حُمل العلم السوري من قبل الوفود، التي جاءت من الجولان للمشاركة في الجنازة، أمام الجنود الإسرائيليين، كما رُفع العلم الفلسطيني على مبنى المحكمة وعلى مبنى مكتب البريد. وكذلك فعل موت إبراهيم أبو لغد: الذي حصل على حق العودة إلى يافا، من خلال دفنه في مسقط رأسه، حيث غادر موكب جنازته من القدس لدفنه في يافا على الرغم من الاحتلال. كما تشير إلى الكلمات الخالدة التي قالها إدوارد سعيد بعدما عاد بعد طول غياب إلى فلسطين: «إذا كانت الكلمات من الفضة فإن الصمت يكون من ذهب، لكن الصمت يعني الضعف أمام الاحتلال العسكري الإسرائيلي وسياساته الاستعمارية وتدابيره القمعية».

شارون وحماتي
يوميات سعاد العامري تسجل معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال والحصار الإسرائيلي. واصفة وحشة الوقت تحت حصار إسرائيلي قاسٍ لمدينة رام الله في الضفة الغربية تحت حظر التجول الذي فرضه شارون على رام الله عام 2002 «وكأنّ الاحتلال وحده لا يكفي!». وكانت العامري تدون اليوميات باللغة الإنكليزية على هيئة رسائل بريد إلكترونية ترسلها إلى أصدقائها حول العالم، تصف لهم بطريقة استهزاء الحياة اليومية في مدينة رام الله: تجارب تحكي صعوبة الانتقال من مكان إلى آخر، وعذاب الحب مع شخص آخر من بلدة أخرى، تمنع الحواجز من الوصول إليه، وأثر إغلاق مدينة القدس مما خلق مصاعب حياتية لحملة الهوية المقدسية. لتتحول هذه الرسائل في ما بعد إلى كتاب بعنوان «شارون وحماتي» الذي تُرجم إلى أكثر من 25 لغة. تخصص في السرد يوميات الحصار على ياسر عرفات في رام الله سنة 2002 وتشرح معاناة حماتها البالغة من العمر 92 عاماً، خلال حظر تجوال لمدة تجاوزت الأربعين يوماً هو الموضوع الرئيس للكتاب.
سعاد العامري متزوجة من الفلسطيني سليم تماري، مهندسة معمارية مؤسِّسة رواق، مركز صيانة المباني في رام الله. نشأت في عمان ودمشق وبيروت والقاهرة، واستقر بها الحال لتعيش في مدينة رام الله. درست الهندسة المعمارية في الجامعة الأمريكية في بيروت، وفي جامعتي ميشيغان وإدنبره مؤلفة العديد من الكتب حول الهندسة المعمارية. وما زالت ماضية في ترميم وصيانة البيوت القديمة في رام الله حفاظاً على الموروث والتراث.

خلاصة:

إنّها ذكريات شعب قوي حُر تسرده نساء فلسطينيات باللغة الإنكليزية إلى العالم.
توثيقات تؤرخ لعدة مراحل تاريخية في الصراع العربي الإسرائيلي، استنبطت بثبات وثقة عززها الأمل والشموخ وعدم الركوع أو الرضوخ رغم كل المصاعب الذي مرت على هذا الشعب. أفكار راسخة كُتبت للعالم في مذكرات وذكريات لكاتبات سجلن ذكريات الحروب والاحتلال والصراع اليومي مع المحتل، تجعل القارئ يعيش قصص نضال المرأة من خلال عملها الدوؤب في مناهضة الاحتلال… قامات مقاومة باسقة لا تنحني أبداً أمام كل آلات القمع، بل هي محاكاة الصمود واللااستسلام.

*القدس العربي

شاهد أيضاً

اردنيات

الأردن..تمكين المرأة يواجه تحديات في بيئة العمل وبناء القدرات

أظهر تقرير سير العمل في الربع الأول من البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي، وجود تحديات …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by moviekillers.com