الرئيسية / أخبار / داليا السواح: المرأة العربية قادرة وملهمة
داليا
داليا

داليا السواح: المرأة العربية قادرة وملهمة

القاهرة – نرمين إبراهيم

هناك قصص نجاح ملهمة لكثير من السيدات تستحق أن تُروى، وحكايات يجب أن تُسطر لأنها ملهمة وتبث روح التفاؤل، وتوصل رسالة مفادها أن «المرأة العربية تتمتع بالوعي بحقوقها وواجبتها تجاه نفسها والمجتمع».
«النهار»، حاورت داليا السواح نائب رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بجمعية رجال الأعمال المصريين، وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية عن الشركات الصغيرة والمتوسطة، للتعرف على أبرز محطات حياتها التي شهدت تحولات لم تتوقعها، من ربة منزل مهتمة فقط بالأعمال المنزلية وتربية الأبناء وصولاً إلى أن تصبح طرفًا في منافسات سوق العمل لتجمع بين الدورين معا.. فإلى نص الحوار.
 بداية.. هل يمكن أن تحدثينا عنكِ؟
? أنا امرأة مصرية، عربية، قررت أن أكافح بكل الوسائل حتى أحقق حلمي عندما منحتني الحياة فرصة اقتنصتها واتخذت القرار المناسب لي، أم لأربعة أبناء مكونين من بنتين تدرسان في الجامعة الاميركية وولدين مازلوا في المدرسة، كنت مثل أي سيدة تزوجت في عمر مبكر ثم أنجبت وبالتالي كرست حياتي لأسرتي فقط، ولم يخطر في بالي الخروج للعمل وكان ذلك بالتوافق مع زوجي الذي يعمل مهندسا ويمتلك شركة صغيرة متخصصة في الانشاءات.
? كيف كانت «لحظة التحول» في حياتك من ربة منزل إلى سيدة أعمال؟
 دعينى في البداية، أتحدث لكِ عن طفولتي التي أعتقد أن ظروفها من ضمن الأسباب التي جعلتني ما أنا عليه الآن، ولدت في أسرة بسيطة وسطية لدي ثلاث أخوان أحدهم توفي في سن الثانية عشرة، علمًا بأني أكبرهم سنا، لذا أبي زرع وعزز فيّ الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، كنت متفوقة في الدراسة حتى انني كنت استقطع من وقتي وأساعد زملائي في فهم المناهج والدراسة، وبسبب أني ذكية ومتطلعة وبشهادة أساتذتي، وأجتهد في المذاكرة؛ لذا كان لدي طموح حينها أن ألتحق بواحدة من كليات القمة، بل كنت متأكدة أن درجاتي التقديرية في اختبارات الثانوية العامة ستمكنني من ذلك.
ويوم إعلان النتيجة، ما زالت أذكر تفاصيله، أسرعت إلى المدرسة صباحًا، لأتلقى أولى صدمات اليوم، فقد جاءت نتيجة الاختبارات التي جاءت عكس ما أتوقع، وفوجئت بحصولي على مجموع يجعلني التحق بالكليات المتوسطة، كنت في حالة دهشة وانهيار، وأصابني إحساس بالظلم والاحباط، عدت إلى المنزل وأنا أبكي واقترحت على والدي أن أتقدم بتظلم واعتراض على النتيجة لإدارة الشؤون التعليمية، وبالفعل بدأت في الإجراءات، لكن المصائب لا تأتي فرادى وحدث أمر آخر منعني من استكمال الإجراءات وهو وفاة أخي الأصغر غرقًا وهي كانت الفاجعة الثانية لي.
حينها تكالبت على أسرتي المصائب وتوالت مجتمعة في وفاة شقيقي وحصولي على تقدير لا يتيح لي فرصة الالتحاق بالكلية التي كنت أتطلع إليها، ولم أتطرق مرة أخرى لموضوعي في النقاش مع أبي نظرا لأنه كان في حالة نفسية لا يحسد عليها، فارتضيت بالقدر والتحقت بالخدمة الاجتماعية.
تحدثت مع نفسي حينها ونصحتها بـ«أن الإنسان لا بد أن يكون مؤمنا مهما تكاثرت عليه الشدائد والمحن يجب ان يكون واثقا برحمة الله عز وجل متيقنا بانفراج الشدة وزوالها حتى في أشد الظروف».
? هل استمرت مسيرتك الدراسية في خط التفوق أم أن الأمور أخذت منحنى أكثر تعقيدًا؟
? بدأت صفحة جديدة في حياتي ونسيت ما سبق، كنت متوفقة في كليتي على نفس وضعي الدراسي في المرحلة السابقة، فكرت كيف أستغل ذلك، فقررت تنفيذ مشروع صغير يتضمن تلخيص المناهج الدراسية ووضع التوقعات المرئية للامتحانات النهائية نجحت الفكرة في أول عام، وبدأت وضع علامتي التجارية وتعاقدت مع عدة مكتبات دراسية متخصصة لتوريد لهم الملخصات والتوقعات النهائية بمقابل مادي، وكان يمتلكني إحساس بأنه سوف يتغير شيء يوما ما لكني لم أعرف ما هو.
? ما الذي حدث بعد ذلك؟
? تخرجت بتقدير «امتياز»، ثم تزوجت، وكنت قد اتفقت مع زوجي على ألا أعمل وأن اتفرغ للمنزل والأبناء فقط، وخلال فترة زواجي أسس زوجي شركته في الانشاءات من ضمن المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكانت ناجحة، ثم حدث شيء لم يكن في الحسبان وهي ثورة 25 يناير في 2010 بعدها تعرض الاقتصاد المصري لأضرار ناجمة عن المشاحنات السياسية وبالتالي تأثرت شركتنا بشكل كبير، ولأني كنت عاشقة للتطلع والقراءة خاصة في القانون والحسابات وميزانيات الشركات، وانعكس ذلك علي إيجابيا حيث استنفدت خبرات متراكمة من ذلك.
في عام 2012 تعرضت شركتنا لأزمة، وكان زوجي في حالة ارتباك خوفا على مستقبل مصدر رزقه، لذلك وقتها جاءت لي الفرصة لأستغل الخبرة التي اكتسبتها من القراءة عن الحسابات والقانون، واقترحت على زوجي -كونه رئيس الشركة- أن أعمل معه ونخطط للخروج من الأزمة، وبالفعل التزمت وقررت استقطاع جزء من وقتي وتحمل مسؤولية الإدارة.
بدأت بهيكلة الشركة وزيادة رأسمالها ونجحت، ولم يتوقف الطموح عند ذلك بل بذلت مجهودات حثيثة لكى ادرج الشركة بالبورصة وبالفعل تحقق الهدف، واستشعرت حينها أن الله منحني العوض والفرص حتى أحقق ما لم أستطع أن افعله سابقا، وهو أن ألتحق بالكليات العليا، لذا فكرت في استكمال دراستي، فالتحقت بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، وحصلت على دبلومة في الحسابات، وكانت الخطوة الأولى، ثم استمرت مسيرتي الدراسية وانتقلت للالتحاق بالدراسة لمدة عامين في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وحصلت على درجة الماجستير بدرجة «امتياز» في إدارة الاعمال والحوكمة.
? ما الحكمة التي تعلمتِها من تلك المواقف؟
? الحكمة، أنه ليست الكلية الجامعية هي التي تحدد مستقبلك بل تطوير مهاراتك والاعتماد على النفس ومساعدة الآخرين تساعدك في الوصول إلى ما تطمح إليه.
? وماذا عن خطوتك التالية بعد حصولك على الماجستير؟
? حقيقة.. كانت لحظة فارقة في حياتي واستشعرت أنه يجب الاستفادة منها وتوظيفها بشكل لائق، فانضممت إلى منظمات الأعمال ومنها جمعية رجال الأعمال المصريين كعضوة رسمية ثم تدرجت إلى أن أصبحت أصغر نائب رئيس لجنة وهي المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تعتبر من ضمن 17 لجنة أخرى بالجمعية واستطعت إثبات كفاءتي، ثم قررت أخوض انتخابات مجلس ادارة البورصة على مقعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة وحصلت على أعلى الأصوات.
? كيف تمكنتِ من تحقيق التوازن بين عملك وانضمامك لمنظمات مجتمع الاعمال وأسرتك؟
? أنا محظوظة بزوجي، لأنه كان داعما لي طوال الوقت ومحفزا لتحقيق أحلامي، ويمكنني القول إنه كان بمثابة «رمانة الميزان» بفضل حكمته وهدوئه معي، وكذلك أولادي كانوا مؤيدين كل خطواتي وساعدوني على تحقيق أحلامي، وبالرغم من ذلك أنا كنت أشد حرصا منهم بالاهتمام بهم حتى لا يشعرون بفجوة نتيجة حياتي الجديدة.
? هل ترين أن الدعم التي حصلت عليه هو سبب نجاحك؟
? نعم الدعم المعنوي من أقرب الناس جعلني أستمر وأقبل على ما أفعله على مستوى الدراسة والعمل بشغف وحب وأمان، ومن هنا أنصح الازواج والزوجات أن يكونوا سندا ودعما بعضهم لبعض، وايضا لأبنائهم لانهم هم الاساس لتكوين مجتمع سليم صحي في وطننا العربي.
? إلى جانب مهامك السابقة.. هل لديك أي هوايات؟
? أحب القراءة جدا خاصة كتب القانون والتنمية البشرية، وكتاب «السر» من أكثر مؤلفات التنمية البشرية التي تأثرت بها، لأني اقتنعت بمحتواه جدًا، لا سيما قانون الجذب وهو الذي ينص على أن أفكار الانسان هي التي تتحكم في حياته بمعنى كلما فكرت في أشياء جيدة أو سلبية جذبتها إليك، كما تعلمت منه السعي وراء تحقيق أحلامي.
وأنوه أن السعي والتفكير الايجابي مطابق مع الدين، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام «تفاءلوا بالخير تجدوه»، وهناك قول الإمام علي بن ابي طالب «كل متوقع أت»، وبالتأكيد «حسن الظن بالله تعالى من حسن العبادة».
? من خلال التجارب والتحديات التي واجهتيها خلال مسيرتك ما النصيحة التي تقدميها للشباب؟
? أؤكد للشباب من خلال تجاربي ما زالت الفرص كثيرة والأبواب مفتوحة، كل ما في الأمر العمل على إبعاد شبح الحزن واليأس والتسرع، ووضع خطط وأهداف على المدى القريب والبعيد والسعي على تحقيق ذلك بالوسائل المتاحة.
وأضيف أن الشباب العربي لديه قدرات وامكانات تحتاج منهم استغلالها الاستغلال الأمثل وتوجهيها التوجيه الصحيح، ولا بد أن يضعوا في ذهنهم أن التغيير ممكن وأن الحال سيتبدَل بأحسن حال.
? دعينا ننتقل بالحديث عن دور جمعية الرجال الأعمال المصريين مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
? جمعية رجال الأعمال حريصة على مساعدة أصحاب المشروعات في الوصول إلى المسؤولين وتنظيم لقاءات مشتركة معهم وتوصيل المشكلات والتحديات التي تواجههم وتقديم مقترحات بدورها تنقذ القطاع.
? كم تمثل نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من الناتج المحلي، وما أبرز القطاعات التي تعمل بها؟
? المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل نسبة لا تقل عن 70% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، وأبرز القطاعات المهن اليدوية.
? برأيك.. كيف ننهض بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
? أرى أنه من الضروري إنشاء وزارة خاصة بها أو مجلس أعلى تقتصر مهامه على المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكيفية النهوض بها، لأنها إحدى ركائز تقدم الاقتصاد القومي، وأشدد على إنشاء منصات إلكترونية للترويج لمنتجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، في الداخل والخارج وتذليل العقبات أمامهم بغرض تحفيزهم للتصدير.
? وما أبرز وأهم الاقتراحات التي قدمتها الجمعية أخيراً للمسؤولين بدورها تسهم في النهوض بالقطاع؟
? قدمنا اقتراحا بخصوص تعديل قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة تتضمن رفع الحد الأقصى لمبيعات المشروعات الصغيرة من 50 مليون جنيه إلى 150 مليون جنيه، ورفع الحد الأقصى لمبيعات المشروعات المتوسطة من 200 مليون جنيه إلى ما بين 450 إلى 500 مليون جنيه، ومن المقرر أن يتم خلال الأيام المقبلة حسم هذه التعديلات تمهيدا لرفعها إلى مجلس الوزراء وإرسالها إلى مجلس النواب.
وأعتبر أن الخطوة التي اقترحتها جمعية رجال الأعمال ستسهم بشكل كبير في دعم عشرات الالاف من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما ينعكس إيجابيا على نمو الاقتصاد المصري وخلق فرص العمل وزيادة القدرات التصديرية.
? كم وصل عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة المدرجة في بورصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو بورصة النيل أو بمسماها الجديد «بورصة تميز»؟
? هناك اقبال من الشركات الصغيرة والمتوسطة حول إدراجها بالبورصة، ووصل عدد الشركات إلى 29، وهناك مساعٍ كبيرة من إدارة البورصة للتسهيل على قيد شركات جديدة من خلال التوعية بالثقافة المالية والبورصة وأهميتها وفوائدها لاسيما من الناحية التمويلية.

*المصدر /النهار:

شاهد أيضاً

خارححح

آن كويستنين: الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري للكويت وهناك إمكانية كبيرة لتعزيز التعاون

  شارك وزير الخارجية عبدالله اليحيا في الاحتفال السنوي بيوم أوروبا الذي أقيم بحضور رؤساء …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by moviekillers.com