الرئيسية / أخبار / شخصيات تاريخية..: الملكة عفت… رائدة تعليم الفتيات في السعودية
ملكمة عف

شخصيات تاريخية..: الملكة عفت… رائدة تعليم الفتيات في السعودية

في هذه الصفحات نفحات من سير شخصيات كانت منارات مضيئة، وسطعت نجومًا في سماء بلادها والعالم.من النساء نوادر لا يتكررن كثيرًا.. لسن متميزات على مثيلاتهن فحسب، بل متميزات على جيلهن تميزاً يؤكد أن من النساء هدايا سماوية.

هي فَأْلُ خيرٍ للحياةِ وأهلِها

بعضُ النساءِ كرامةٌ للناسِ

تُعْلي بهِمَّتِها معالي قومِها

وبها يظلُّ المجدُ عالي الراسِ

ومن حين إلى آخر تجود الأيام بامرأة نموذج يودع الله في راحتها مفاتيح إصلاح وتغيير، وهكذا كانت الملكة عفت زوجة الملك فيصل رحمه الله.

هي عفت بنت محمد بن عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم آل ثنيان، من أسرة الثنيان العريقة المتفرعة من أسرة العراقة آل سعود.

لم تعش الملكة عفت في بداية حياتها في السعودية، بل سافرت عائلتها إلى تركيا بعد سلسلة من الأحداث، وعاشت أسرتها في استضافة السلطان العثماني، وهناك وُلِدَت الملكة عفت في إسطنبول، وواصلت تعليمها الأولي والثانوي في المدارس التركية.

بعد وفاة والدها الأمير محمد واجهت عفت وأسرتها عقبات مادية وأوقاتًا عصيبة، وبالرغم من ذلك واصلت تعليمها الثانوي، وحصلت بعده على دبلوم معلمات بتركيا.

كانت الأميرة عفت تُدْرِك مكانة أسرتها العريقة في شبه الجزيرة العربية، وتعي أنهم ملوك البلاد،

فعزمت مع عمتها على العودة إلى الوطن،

ورحب الملك عبدالعزيز بعودتهما، وأمر نائبه في الحجاز آنذاك الأمير فيصل بن عبدالعزيز باستقبالهما، والاهتمام بهما.

وكان هذا أول لقاء يجمع الأمير فيصل آنذاك بالأميرة عفت التي كانت ذات حكمة ورأي وأناة، ويبدو أن حصافة عقلها وافقت حصافة عقل الملك فيصل، فقرر الارتباط بها.

وتم الأمر، واجتمعت الحصافتان نوراً على نور، وكما تَوَلَّدَ منهما الرأي السديد وُلِدَ لهما النسل الرشيد: سارة، ومحمد، ولطيفة، وسعود، وعبدالرحمن، وبندر، وتركي، ولولوة، وهيفاء.

ويبزغ نجم الملكة عفت بأثرها البارز في تعليم المرأة مبكرا، ولا سيما حين تولى الملك فيصل مقاليد الحكم؛ إذ جعلت الملكة عفت أهم أولوياتها تمكين المرأة من التعليم إيماناً منها بأن التعليم أولى خطوات التغيير نحو مستقبل أفضل لوضع الوطن عامة، ووضع المرأة خاصة.

كانت الملكة عفت تواجه عدة عقبات لتحقيق طموحها النبيل، غير أن الملك فيصل قدم لها الدعم اللازم، وآزرها معنويّاً وماديّا، واستطاعا معالجة العقبات بحكمة واقتدار.

وهكذا قامت الملكة عفت مدعومة بموقف زوجها الملك فيصل بن عبدالعزيز بالسماح للمرأة السعودية بالتعليم، وحقها في ذلك،

وكان أهم إجراء آنذاك افتتاح قسم لتعليم البنات إلى جانب قسم تعليم البنين داخل مدرسة الطائف النموذجية في الأربعينات من القرن العشرين.

في البدايات لم يستقطب قسم البنات سوى عدد محدود من الفتيات بحسب رواية الأميرة لطيفة الفيصل التي درستْ في تلك المدرسة النظامية مع إخوانها وأخواتها،

وتقول الأميرة لولوة الفيصل معلقةً على ذلك: «الأهالي لم يرسلوا بناتهم إلى المدرسة، ولم يشجعوا الخطوة، ووالدتي لم تكن ترغب بافتتاح مدرسة لبناتها فقط»، لكنها اضطرت اضطرارا إلى ذلك فافتتحت مدرسة لتعليم البنات داخل قصرها.

كانت تدير المدرسة الداخلية بنفسها، وتشرف على كل مدرسة جديدة للبنات تفتتح في بلادها ضمن مشروعها الهادف إلى نشر العلم الذي يجعل من السعودية بلدا متطورا، وشعبا واعيا، كما أسست في عام 1955م مشروعها الرائد مدارس «دار الحنان».

وكأي تغيير اجتماعي جديد واجهتْ فكرة تعليم البنات بعض التحفظات والانتقادات، غير أن الملكة عفت استطاعت أن تُطَمْئن المتحفظين والمنتقدين، وتقنعهم بأن الأهداف النبيلة تتولد منها غايات أنبل، ومضت في تحقيق حُلمها، ونجحت نجاحاً لافتاً أقنع الناس ببُعد نظرتها.

لقد حرصت الملكة عفت على توفير أحدث الأساليب التربوية والتعليمية المستقاة من تجارب الدول المتقدمة، والمتفقة مع المفاهيم الإسلامية، وحاجات المرأة السعودية، كما كان لها إسهام فاعل في إنشاء الجمعيات الخيرية، وجمعيات الرعاية الاجتماعية، فأسست «نادي فتيات الجزيرة الثقافية» الذي تحول لاحقا إلى «جمعية النهضة».

وبعد عمر حافل بالعطاء انتقلت الملكة عفت إلى جوار ربها في 15 فبراير عام 2000م عن عمر ناهز خمسة وثمانية بعد عملية جراحية لم تقوَ صحتها على تحمل مضاعفاتها.

 

شاهد أيضاً

التقاء الأسرة يخفف من القلق والتوتر

قطر ..خبيرات: ترتيب الأولويات يعزز مشاركة المرأة في قضايا التنمية

أكد عدد من الخبيرات في مجالات البرمجة العقلية والنفسية والتنمية البشرية أهمية وضع جدولة منتظمة …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by moviekillers.com