تجد الكثير من النساء فى بداية الحياة العملية والزوجية صعوبة فى قدرتها على تحقيق التوازن وترتيب الأولويات من الزواج والإنجاب وتربية الأبناء وطموحاتها ونجاحها فى عملها وتحقيق ذاتها وسعادتها، ومن الخوف أن يكون الترتيب مقلوبا, وتكون الأولوية لنجاحها فى عملها مما يخل بتوازنها ويعرضها إلى الأمراض العضوية والنفسية.
السؤال لخبراء علم النفس والاجتماع ماذا يعنى التوازن؟ وما الخطوات التى يجب أن تتخذها المرأة لتحقق التوازن المطلوب فى حياتها؟
د.سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسي كلية الطب جامعة القاهرة يقول: إن التوازن قضية ليست مقتصرة على المرأة فقط، وأن أى إنسان فى الدنيا محتاج للتوازن، ولكن المرأة المصرية خاصة عليها أدوار متعددة نتيجة أن الزوج يلقى عليها العبء كليا فى تحمل النظام وتربية الأبناء، فهى وزيرة اقتصاد البيت والمسئولة عن الإطعام والمذاكرة ونجاح الأبناء، وإذا تعثر أو فشل أحد الأبناء فهى المسئولة أمامه، ويوجه لها الاتهامات بالإهمال، بالإضافة إلى عملها بالخارج الذى يستنفد وقتها وجهدها.. وعلى الرجل فقط العمل خارج الأسرة ليأتى بالدخل وغالبا ما يتنصل عن المشاركة وتحمل المسئوليات داخل البيت. أن المرأة المصرية يمكن أن تتحمل وتدير بيتها بشكل جيد دون الرفض والاعتراض مقابل التقدير النفسى ومشاركة الزوج.. وإذا نظرنا الى العقود والسنوات الماضية نجد الكثير من الانحرافات الأخلاقية والسلوكية بين الأجيال الجديدة نتيجة انشغال المرأة بعملها وأدوارها المتعددة وفى ظل غياب واختفاء دور الأب وأيضا غياب دور المدرسة والمعلم التربوي.
وإذا وجدت المرأة أن مهام البيت متعارضة مع شغلها وعملها فهى تبقى الأولوية للبيت ورعاية الزوج وتربية أولادها، لأن ذلك يؤدى إلى إنشاء أسرة مستقرة وأجيال صحيحة نفسيا وجسديا، أما المرأة الممزقة ضحية الضغوط من البيت والعمل وتربية الأبناء فهى لا تستطيع التوازن والقيام بكل الأدوار، وبالتالى تدخل دائرة الاكتئاب والأمراض العضوية والنفسية، ولكن الواقع لا يمكن لأى امرأة أن تحقق التوازن دون مشاركة وعوامل مساعدة من المحيطين لها من جميع أفراد الأسرة، يقول تعالي: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها».
د.هالة يسري أستاذة علم الاجتماع والخبيرة التنموية تقول: التوازن هو إعطاء كل دور من الأدوار والواجبات المنوطة للمرأة حقه دون أن يغلب دور على الآخر وأن حدثت استثناءات وقتية فى انحياز لدور الأم وقت تربية النشء، وبصفة خاصة تعانى المرأة المصرية من صراع الأدوار لأنها تسعى دائما إلى تحقيق المثالية والأداء المميز فى كل عملها وأدوارها، فهى ترغب أن تكون أماً مثالية وزوجة مثالية وتكون موظفة وصاحبة عمل متميزة لها بصمة فى المجتمع.. وتضيف أنه مع محدودية الوقت والجهد والمقدرة تظهر بداخلها حالة الصراع للتوافق بين كل هذه الأدوار وغيرها مع والديها وأهلها، ولكن المرأة المصرية بحنكتها وقدرتها وتراثها التاريخى والحضارى يجعلها تغلب أدوارها الأسرية وخاصة فى مراحل الحضانة وتربية النشء ثم تظهر تفوقا فى الجانب المهنى ثم تليها كل الأدوار المتمثلة فى أدوارها العائلية والمجتمعية ومسئوليتها تجاه الوطن..
وتشير إلى أنه على المرأة الناجحة العاقلة أن تضع فى سلم اهتماماتها أولوياتها بطريقة تتفق مع ظروفها وقدرتها والظروف الحياتية المحيطة بها وضرورة وضع ترتيب اهتماماتها فى كل مرحلة من مراحل حياتها نصب أعينها، وبالتأكيد هى تختلف من وقت لآخر ومرحلة عمرية، كل هذا سعيا إلى تحقيق التوازن والاستقرار النفسى والعاطفى والوجدانى والفكرى وسعيا لتلبية احتياجاتها وتحقيق ذاتها وطموحاتها وتميزها الوظيفى والترقى إلى أعلى المناصب وصولا إلى مواقع صناعة القرار.. إذن التوازن والمواءمة بين الاحتياجات والحقوق والواجبات عملية مهمة يجب أن تستمر وبصفة مستدامة فى حياة المرأة لكى تعيش حياة أكثر استقرارا وسعادة ونجاحا هى وكل من حولها.
- أمل شاكر / الاهرام .