تونس ـ «القدس العربي»: اتخذ الاحتفال بالذكرى الثامنة والستين لعيد المرأة التونسية طابعاً سياسياً، حيث احتفى البرلمان بالمكاسب التي حققتها المرأة التونسية، فيما طالبت المعارضة بالإفراج عن السياسيات المعتقلات.
وأبرزت رئاسة المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان) في بيان “ما تمثله هذه الذكرى السنوية من رمزية منذ صدور مجلة قانون الأحوال الشخصية في 13 أوت أغسطس 1956، التي تعد خطوة تاريخية للحركة الإصلاحيّة وضمانا قانونيا للحقوق الأساسية للمرأة”.
واعتبرت أن الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة يعد “تذكيراً بما تم تحقيقه في طريق تكريس حقوق المرأة، ودعوة متجددة إلى بذل الجهود من مختلف المواقع لضمان مساواة تامة بين أفراد المجتمع، ولفتة للنساء اللاتي رفعن راية تونس ومثلن قصص نجاح في كل المجالات، ليكن أمثلة وقدوات تمضي في طريقهن الأجيال الشابة”.
وتظاهر أنصار الحزب الدستوري الحر أمام وزارة المرأة للمطالبة بالإفراج عن رئيسة الحزب عبير موسي، التي سبق أن تقدمت بطلب ترشحها للانتخابات الرئاسية قبل أن ترفضه هيئة الانتخابات.
وكتب عبد الوهاب الهاني رئيس حزب المجد: “كل عام والمرأة التونسية نصف المجتمع بألف خير، تنعم بالحرية والكرامة خارج أسوار المعتقلات الظالمة وظروف العمل والحياة المهينة. كل التضامن مع المعتقلات السياسيات والصحافيات والمحاميات والناشطات في المجتمع المدني والمدونات من كل المشارب القابعات في السجون ظلماً وعدواناً من أجل تعبريهن عن آرائهن وأفكارهن وأولئك اللاتي يعانين الأمرين بعد سجن أزواجهن وأبنائهن وآبائهن وأشقائهن لنفس الأسباب”.
وأضاف: “كل التضامن مع القاضيات المعفيات ظلماً وزوراً وبهتاناً، من أجل دفاعهن عن استقلالية القضاء.. كل التضامن مع الكادحات في الحقول والمعامل والمدارس والمخابر والمنازل. كل التضامن مع الدكاترة الباحثات المعطلات عن العمل. كل 13 أوت والمرأة التونسية تائقة للحرية، مع أخيها الرجل، متحررة ومتحررين من الفاقة ومن الخوف”. وكتبت الباحثة والناشطة السياسية رجاء بن سلامة: “أي معنى لـ”تكريم النساء” من دولة تسجن النساء بسبب آرائهن؟ مكافأة على الصمت؟ فرز بين “الشريفات” والمفسدات؟”.
وكتب المؤرخ عبد اللطيف الحناشي: “أصدر المرحوم الحبيب بورقيبة مجلة الأحوال الشخصية 1956 ولم يعيّن امرأة وزيرة إلا بعد 27 سنة من إصدار المجلة… وهي المرحومة فتحية مزالي زوجة رئيس الوزراء آنذاك. أمر يتطلب التفكير”. ودونت السفارة الأمريكية على صفحتها في موقع فيسبوك: “نحتفل اليوم بالإنجازات المذهلة التي حققتها المرأة التونسية التي تستمر في إلهامنا وريادتها في مختلف المجالات. من التبني المبكر لحقوق المرأة من خلال مجلة الأحوال الشخصية إلى تحقيق أحد أعلى معدلات التحاق النساء بالتعليم العالي في العالم، حيث تتجاوز نسبة الخريجات 75٪، يثبت بأن المرأة التونسية تكسر الحواجز وتصنع التاريخ. نساء مثل توحيدة بن شيخ، أول طبيبة في شمال إفريقيا، وأنس جابر، نجمة التنس التي حققت أرقاماً قياسية على الساحة العالمية يجسدن قوة وصمود المرأة التونسية. وفي مجال العلوم، تشكل النساء 55% من الباحثين التونسيين، ما يضع تونس في الطليعة في العالم. لنواصل دعم وتمكين هؤلاء الرائدات ليصنعن مستقبلًا أكثر إشراقًا للجميع”.
ودونت المحامية إيناس حراث: “أكبر كذبة سمعتها في حياتي هي “المرأة التونسية” وسرديات الاحتفاء بها المبنية على التنميط. في هذا البلد أكثر من خمسة ملايين مواطنة لا يتفقن في شيء وعلى شيء، ومحاولة اختزالهن في منوال موحد أكبر عنف مسلط عليهن منذ عقود. سيدات يختلفن في الأفكار والآراء والرغبات والأحلام والأهداف والأولويات والظروف والتكوين والثقافة يقع تعليبهن مع ملصق بالحبر الفسفوري كتب عليه “المرأة التونسية”، ويفترض أن غايتهن الأسمى مطابقة النموذج الضبابي لسيدة كانت سباقة لتقود سيارة أو طائرة أو لا أدري ماذا من ذلك القبيل”.
وأضافت: “في تقديري “المرأة التونسية” نمط تحول إلى كفن ثم إلى وثن. نحن نستحق أن ينظر إلينا كذوات حية، ديناميكية، متطورة، وأن نسأل في كل مرحلة عن رأينا في المرأة التي نريد أن نكونها. وألا يسقط علينا قالب لم نختره أو شعار لم نحرره، وألا تشذب رغباتنا وأحلامنا بمقص المقبول مجتمعياً. ونستحق أساساً أن نسطر مصائرنا بأنفسنا طبقاً لقناعاتنا ورغباتنا الشخصية، وألا نقارن بأحد”.
*المصدر :القدس العربي