تسعى جامعات الفتيات إلى البقاء من خلال التميز فى مجالات العلوم الاجتماعية والتأهيل الوظيفى
رياح معاكسة تواجه جامعات البنات اليابانية، تمثل فى انخفاض عددها بشكل ملحوظ فى الفترة الأخيرة، رغم الكثير الذى يمكن لهذه الجامعات أن تقدمه وتقوم به فى ظل مجتمع يحترم التنوع، وقد فضلت الطالبات الالتحاق بالجامعات المختلطة بعدما صارت مجالات الدراسة بجامعات البنات محدودة، ولا تتناسب مع رغبة المرأة فى التقدم والتميز فى المجتمع . وحرصا على البقاء، وحتى تستمر جامعات البنات فى كونها خيارات جذابة للطالبات لمتابعة تعليمهن العالى تبذل الجامعات جهودا حثيثة لدعم الطالبات بدراسة مناهج وتخصصات تمكنهن من العثور على وظائف مطلوبة فى سوق العمل.
وعدد جامعات البنات فى جميع أنحاء اليابان تقلص حتى أصبح73 جامعة فقط، وعلى سبيل المثال ففى منطقة توهوكو، لم يتبق سوى ثلاث جامعات نسائية وهى جامعة مياجى جاكوين، وكلية سينداى شيرايوري، وجامعة كورياما، وتركز هذه المؤسسات التعليمية على التدبير المنزلى، وتعليم الأطفال، وكذلك الفنون الحرة، بما فى ذلك الأدب والموسيقى، والآن تسعى الجامعات الثلاث إلى البقاء بقوة من خلال التميز فى مجالات مثل العلوم الاجتماعية، والتأهيل الوظيفى لبناء قدرات الطالبات .
وهو ما طبقته جامعة مياجى جاكوين حيث طورت من مناهجها فقدمت كلية الآداب مقررًا اختياريًا حول «نظرية التطور الوظيفي»، وركزت على تعريف الطالبات بماهية مختلف المهن من خلال عقد محاضرات متخصصة فى مجالات مختلفة.
كما أعادت الجامعة تنظيم تخصصاتها، فبدلا من كلية واحدة للفنون الليبرالية أنشأت أربع كليات، من ضمنها كلية للأعمال المعاصرة. وفى الوقت نفسه، اهتمت بعقد دورات تأهيلية وجعلتها إلزامية مثل دورات عن «المرأة وحقوق الإنسان« و«نظرية العمل الحياتي» و«التصميم الوظيفي» .
وعن ذلك تقول متسكو تيندو، أستاذة دراسات المرأة، إنها تحرص على عقد ندوات لطلابها من أجل الاستماع إلى قصص الخريجين العاملين واكتساب وجهات نظر تفيد الطلاب فى كيفية توجيه حياتهم ومستقبلهم المهني. وتضيف هيروشى هاسيبى، رئيس جامعة مياجى جاكوين، أن الجامعة تهدف إلى المساعدة فى دعم النساء ليصبحن أفرادًا مستقلين لهن دور فعال فى المجتمع.
وفى النطاق ذاته أعادت كلية سينداى شيرايورى، التى تركز على تعليم اللغات، تنظيم قسم التنمية البشرية، بهدف تدريب الطلبات ليصبحن معلمات مهرة فى تدريس اللغة الإنجليزية بمرحلة رياض الأطفال والمدارس الابتدائية.
وقامت جامعة كورياما للبنات، وهى مدرسة تقليدية فى العلوم المنزلية، بتقديم دورات فى الرعاية الاجتماعية وتصميم الهندسة المعمارية، وعلوم الغذاء والتغذية، و فى إطار الحفاظ على دراستها المميزة، دعمت الجامعة الأنشطة التعاونية بينها وبين الجهات الحكومية والشركات المحلية فى محافظة فوكوشيما.
وحصلت الجامعة هذا العام على اعتماد من وزارة التعليم لتقديم منهج دراسى يسمى «البرنامج المعتمد للرياضيات وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي». وقد أنشأت معهد أبحاث للتغذية الرياضية لدراسة كيفية الحفاظ على الصحة من خلال التمارين والتغذية السليمة.
وقد عانت جامعة كورياما انخفاضا ملحوظا فى عدد المتقدمين من خارج المحافظة الذين كان عددهم نحو 200 طلب فى الماضى، ولكن عقب حادث انهيار شركة طوكيو للطاقة الكهربائية فى فوكوشيما انخفض عدد الطلبات إلى طلب واحد فقط.
وعن هذه المشكلة قال رئيس الجامعة أوسامو سيكيجوتشي: «لايزال الوضع صعبًا حتى الآن، وسوف نواجه تأثيرًا سلبيًا، ولن نتمكن من البقاء على قيد الحياة، ما لم نستمر فى إجراء التحسينات والابتكارات.»
ويؤكد تاكايوشى واتانابي، رئيس فرع سينداى لمدرسة كاوايجوكو، أن جامعات البنات فى منطقة توهوكو تواجه صعوبات خاصة وسط جائحة كوفيد 19. فخلال الوباء، انتشرت تقارير عن المصاعب التى واجهت المجالات الطبية والتعليمية، فضلا عن الركود فى صناعة الخدمات الغذائية والصعوبات فى الدراسة فى الخارج. ويمكن لجامعات البنات أن تسهم فى مواجهة هذه المصاعب، من خلال التركيز على تخريج إخصائيى تغذية ومعلمين.
ويضيف واتانابى أنه نظرًا لأن العديد من جامعات البنات لديها مدارس ثانوية تابعة لها، فهى بحاجة إلى تعزيز نظامها التعليمى الشامل طويل الأجل مع إضافة برامج مميزة لجعلها أكثر جاذبية. خاصة أن خريجيها يعملون فى مجالات مرتبطة بالتعليم والصحة والغذاء وهى قطاعات مهمة فى المجتمع، فعلى سبيل المثال العمل كمعلمة بمرحلة الطفولة المبكرة والتعليم الابتدائى له تأثيره القوي، وذلك يرجع إلى رعايتها للأجيال القادمة وإعدادهم للتأقلم مع عالم سريع التغير بما يسهم فى إعلاء دورهم فى تنمية مجتمعهم. كما أن الدراسة فى مجال علوم الغذاء والتغذية ترتبط بتقديم الخدمات الطبية ومصنعى المواد الغذائية التى تحظى بشعبية لدى الطلاب للحصول على فرص عمل.
*فاطمة محمود مهدى..الأهرام