إذا كانت النساء من بين أكثر شرائح المجتمع السوداني، التي تدفع ثمناً باهظاً للمعارك الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» منذ منتصف إبريل الماضي، فإنهن يلعبن أيضاً دوراً شديد الأهمية، للتعامل مع الأزمة الناجمة عن تلك المعارك، وما يترتب عليها من تبعات كارثية.
فمنذ اندلاع المواجهات، تشارك النساء السودانيات بفاعلية في الجهود المبذولة لوضع حد لها، عبر عشرات من المبادرات والتحالفات التي أُطلقت لتحقيق هذا الهدف، بل إنهن يسهمن كذلك، بنصيب لا يُستهان به في شبكة مدعومة من الأمم المتحدة، تحمل اسم «منصة السلام للسودان»، تعمل على تقديم الدعم للمتضررين من المعارك، ممن يتشكل جانب كبير منهم، من النسوة والأطفال.
كما تعكف هذه المنصة، على التنسيق بين المبادرات المختلفة الرافضة للعنف، والتي تقودها النساء في جميع ولايات السودان، وتسهيل التواصل فيما بينها، بجانب توحيد الجهود والمطالب المرتبطة بطبيعة المرحلة الراهنة من الأزمة، تمهيداً لبلورة خطط، تضمن دعم حقوق المرأة، في الفترة التي ستعقب نهاية المعارك.
وفي الثالث والعشرين من إبريل، أي بعد أقل من 10 أيام على نشوب المعارك، نظمت الناشطات، وفي مقدمتهن المشاركات في مبادرة «أمهات السودان» المنددة بالمعارك الحالية، الاحتجاج النسائي الأول ضد القتال، في العاصمة الخرطوم. ووسط تفاقم الخسائر المادية والبشرية الناجمة عن الاضطرابات التي تعصف حالياً بالسودان، يتعزز بالتوازي مع ذلك، التنسيق بين المنظمات والمجموعات النسائية المختلفة في شتى أنحاء البلاد، من أجل رصد الوضع الإنساني المتردي، بجانب ممارسة ضغوط على المجتمع الدولي، للمساهمة في حقن الدماء.
في الوقت نفسه، تعمل تلك المجموعات، وفقاً لتقرير نشره موقع «ريليف ويب» الإلكتروني التابع للأمم المتحدة، على تقديم الخدمات الطبية، والدعم النفسي والإغاثي اللازم للأسر المتضررة، فضلاً عن توفير الغذاء والماء للنازحين، وتسهيل إجلاء من تحاصرهم المعارك في المناطق السودانية المختلفة، وعلى رأسها الخرطوم، بجانب إقليم دارفور بغرب البلاد.
وتشمل هذه الخدمات أيضاً، جمع المعلومات حول أوضاع النساء في مناطق القتال والنزوح، وبحث السبل المُثلى لمد يد العون لهن، إضافة إلى تنسيق المبادرات القائمة لاستضافة العائلات النازحة، لا سيما في حالة عدم وجود مخيمات أو مراكز إيواء مؤقتة مُجهزة، في الكثير من المدن والبلدات.
ونقل خبراء عن ناشطات نسويات سودانيات قولهن، إن الصراع الحالي يفرض تحديات وقيوداً على عمل المنظمات التي ينخرطن فيها، سواء في المناطق التي باتت مسرحاً للمعارك، أو تلك التي يسودها هدوء نسبي، مثل ولايتيْ جنوب كردفان وغرب كردفان، اللتين لم تشهدا حتى الآن، مواجهات مباشرة بين طرفيْ الأزمة.
ومن بين المخاطر التي تواجهها النساء السودانيات في هذا الصدد، اختطاف بعضهن وتهديد أخريات بأن يواجهَّن المصير نفسه، وذلك في ظل انعدام الأمن.
ويشدد متابعون للشأن السوداني، على أن الدور المحوري الذي تضطلع به النساء على صعيد محاولات تخفيف آثار القتال الحالي، يؤكد ضرورة إشراكهن في مختلف الجهود الرامية لإسدال الستار على الصراع، وتمكينهن من ممارسة حقوقهن، باعتبار أن ذلك يمثل إحدى الضمانات الأساسية، لإرساء الاستقرار بشكل دائم في السودان.
*دينا محمود (لندن)..الإتحاد