بعد مصادقة الحكومة على القانون 103.13 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء، والذي أعدته وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، بشراكة مع وزارة العدل، تمخض نقاش واسع في المغرب بين من يرى أنه قانون “محدود”، وبين من يعتبره “انتصارا لقضية المرأة، استطاعت من خلاله شظايا “مدّ نون النسوة” أن تصل المغرب أخيراً”.
وقد أتى هذا القانون بعد معارك تاريخية وطويلة للمنظمات الحقوقية والنسوية، التي طالبت برفع القيود عن خروج المرأة إلى التعليم والوظيفة العمومية، وتغلغل مداها في مراكز القرار.
وبعد انتظار دام أزيد من 15 سنة، وتجميد في الغرفة الثانية بالبرلمان، امتدّ لما يقارب الخمس سنوات، حظي القانون بـ168 صوتاً مقابل 55 صوتاً معارضاً، ووافق عليه 23 مستشاراً مقابل معارضة 15.
محمد السليماني، حقوقي وفاعل سياسي، أكد لـ”هسبريس” أن قانون مناهضة العنف ضد النساء “هو مكسب للمغرب، فهو لم يكن في السابق”. وأضاف أن “القانون مجهود بشري، وتطبيقه على أرض الواقع سيكشف نقائصه، وهو قابل للتعديل، ينبغي فقط أن نعطيه فرصة للتطبيق. لقد أعدته مؤسسة تشريعية، وهو مكسب للمجتمع المغربي وللمرأة المغربية”.
وأكد السليماني على ضرورة توعية المرأة المغربية بمضامين القانون، على الصعيد الوطني، ودعا خطباء المساجد ووزارة الأوقاف، التي تؤطر شريحة كبيرة في المجتمع، وكذا وزارتي الثقافة والتعليم، وحتى الفنانين، إلى الإسهام في العملية التحسيسية.
أما على مستوى التنزيل وتطبيق القانون على أرض الواقع، فأوضح السليماني أن الأحزاب السياسية والمؤسسات المسؤولة عن تأطير المجتمع، وكذا الجسم الإعلامي، لها دور كبير في تحسيس المواطنين بمسؤولياتهم وواجباتهم وحقوقهم.
في المقابل، قالت سميرة موحيا، نائبة رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء بالمغرب، إن “القانون لا يكفي لردع الجناة عن ارتكاب العنف ضد النساء، فبالأمس القريب كان العنف يُرتكب فقط في الأماكن الخالية من الناس، لكن الأخطر، اليومَ، أنه أصبح يرتكب في الأماكن العمومية، وعلى مرأى من الناس، مما يدل على أن الردع لا يكفي في حقّ هؤلاء الجناة والمعنفين”.
وأضافت أن “الباب الخامس من قانون مناهضة العنف ضد النساء يُلزم السلطات العمومية باتخاذ تدابير وقائية، وينص على تشكيل وحدات متخصصة لتلبية احتياجات النساء والأطفال، غير أنه ليس فيه تحديد للمقصودين من “السلطات العمومية”، فقد ظل المصطلح عاماً، وينبغي على الجميع، وزارات ومسؤولين، أن يساهم في إزالة كل ما يجعل المرأة كائنا ثانوياً، فالجانب الردعي مهمّ، لكن الجانب الثقافي أهم منه”.
وأشارت سميرة موحيا إلى أن “القانون لم يأت كما أرادته الحركة النسائية، ولم يستجب للمعايير الدولية للقضاء على العنف، كما لم تواكبه توعية موازية للمواطنين، من أجل التعريف بأهم الجزاءات التي أتى بها”.
وأضافت أن “القانون بصفة عامة موجِّه ومهذِّب، وقد أتى قانون مناهضة العنف ضد النساء بإيجابيات تتعلق بتحديد مفهوم التحرش، لكنه لم يأت بجديد في ما يخص حظر التمييز والتربية على المساواة”.
يذكر أن قانون مناهضة العنف ضد النساء صادق عليه مجلس النواب في 20 يوليوز 2016، قبل أن يحيله على مجلس المستشارين، حيث تم تقديمه في 2 غشت 2016، وشُرع في مناقشته مناقشة عامة في 31 أكتوبر 2017، وصادق عليه مجلس المستشارين بالأغلبية في جلسة عمومية، يوم الثلاثاء 30 يناير.
وتشير الإحصائيات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط إلى أن من بين 9.5 ملايين امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 سنة و64 سنة، تعرضت ما يقرب 6 ملايين امرأة، أي62.8 بالمائة من النساء، لشكل معين من أشكال العنف (3.8 ملايين امرأة بالوسط الحضري و2.2 مليون امرأة بالوسط القروي).
*وسائل اعلام مغربية