أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار / زوجات يعتبرن مسلسل «لأعلى سعر» نموذجاً للتضحية النسائية
97cc620aff64468b935ca555f862bc2f

زوجات يعتبرن مسلسل «لأعلى سعر» نموذجاً للتضحية النسائية

العصفورة نيوز: قلما تحوي دراما رمضان ما يبل ريق المرأة أو يدعمها في حربها اليومية بعيداً من الفقر والجهل والعوز والمرض. وقد جرى العرف الرمضاني على أن تصطدم النساء والفتيات من المشاهدات بكم هائل من الترويج لتعدد الزوجات من باب الكوميديا، واعتبارهن أجساداً بلا أدمغة من باب الإمتاع، وضربهن وشتمهن من أجل السياق الدرامي. وفي المرات القليلة التي تمكّنت فيها المرأة من أن تكون بطلة حقيقية ذات صوت مسموع ووجود محسوس، فهي إما مدمنة مخدرات، أو معلّمة في سوق الرجال، أو مزواجة تهوى تبديل الرجال.

رجال الدراما الرمضانية هذا العام أفسحوا المجال للمرأة لتعبّر عن كيان «مهروس» بحكم الثقافة، ووجود مقموع بدافع الحب تارة والأسرة طوراً والتضحية اللصيقة بالنساء دائماً، والنهايات المعروفة مسبقاً حيث مقلب كبير وهجر أكيد وتحميل شديد على كاهلها باعتبارها المسؤول الأول والأخير عن مأساتها الحياتية.

مأساة «جميلة» التي تقوم بدورها الفنانة نيللي كريم تشغل بال غالبية نساء مصر، إن لم يكن من باب التشابه والتطابق في أحداث وتفاصيل كثيرة، فمن منطلق التفاعل الكامل مع قصتها التي يندى لها جبين النساء فقط.

«للنساء فقط» هو الاسم الذي اقترحه هيثم حسين (38 سنة، موظف) والذي بات يحرص على ترك البيت لزوجته أثناء مشاهدتها حلقات مسلسل «لأعلى سعر». يقول: «أصبحت أشعر وأنا جالس إلى جوارها، وبينما الدكتور هشام (الفنان محمد فهمي الذي يقوم بدور زوج نيللي كريم) يعاملها بخسة ويتنكّر لوقوفها إلى جواره في بداية حياتهما الزوجية ثم خيانته إياها وزواجه من أعز صديقاتها، أنني مسؤول شخصياً عن هذا الشطط».

والشطط الذي يشير إليه هيثم تصفه زوجته نهى السيد بـ «التصرفات العادية» بين الرجال. وترى أن زوجها ربما يكون استثناء في عالم الرجال، لكن عدد صديقاتها وقريباتها اللاتي تعرّضن لقرصة عقرب من الزوج لا يُعد أو يحصى. الدكتور هشام كان طبيباً مبتدئاً من أسرة فقيرة وارتبط بجميلة راقصة الباليه التي تنتمي إلى طبقة اجتماعية أرقى. وقت ارتباطهما، عارضت أسرتها بشدة وكذلك صديقتها المقرّبة ليلى (الفنانة زينة) وذلك لأنه لا يصح لـ «باليرينا موهوبة ومميزة» أن ترتبط بشخص قابع في أدنى الهرم الاجتماعي.

لكن تمر الأيام، وتقف جميلة بجوارحها وجهدها مع زوجها، حتى أنها تعتزل رقص البالية وترتدي النقاب وتتفرّغ تماماً لبيتها وابنتها وزوجها الذي يصبح طبيباً شهيراً وبالغ الثراء، لتستيقظ على عاطفة تنشأ بين الزوج والصديقة (التي لا تزال تحتفظ برشاقتها واهتمامها بمظهرها)، وتنتهي العلاقة بالزواج على رغم أنف الزوجة المضحية. ولأن ثراء الزوج والمستشفى الاستثماري الكبير الذي أصبح يملكه يعمل فيه أفراد أسرة «جميلة» وينتفعون في شكل أو آخر من علاقة النسبة والـ «بيزنس»، تجد الزوجة الأولى نفسها وقد اعتزلت عشقها الأول أي الرقص، وأهملت مظهرها وامتلأ جسدها شحماً ولحماً، وحتى أفراد أسرتها اضطروا إلى دعم الزوج في حقه في الاقتران بأخرى طالما بما لا يخالف شرع الله، وطالما حقوق «جميلة» المادية مضمونة.

«ضمان الزوج، لا سيما لو ذاق الشبع بعد جوع، أمر شبه مستحيل، خصوصاً لو كانت زوجته هي من دعمته وشجعته. يبدو أن الرجل الشرقي لا يستطيع التخلّص من عقدة التفوّق على المرأة، لذا هو لا يحب أن تكون شريكته هي من كانت شاهدة على فقره وجهله وبؤس حاله. وأول ما يقوم به حين ينتقل من تحت خط الفقر إلى قمة الهرم الاجتماعي هو إما التنكّر للزوجة أو إذلالها والارتباط بغيرها ورفض تطليقها».

سهام ن. (43 سنة) التي تتحدّث عن تجربتها الشخصية، تتابع مسلسل «لأعلى سعر» بشغف شديد. تضحك ضحكة مريرة، وتقول: «على رغم إنني لست من هواة متابعة المسلسلات، إلا أنني وجدت نفسي متفرّغة تماماً بعد الإفطار لمتابعة قصة جميلة مع النذل زوجها. ليس هذا فقط، بل إنني أجد نفسي أوجّه إليها نصائح وكأنها تسمعني. ياعبيطة (بلهاء) لا تفعلي هذا أو تقولي ذاك. قصص التضحية النسائية كثيرة جداً شأنها شأن قصص الأنانية الذكورية».

لكن الأنانية الذكورية مدعمة اجتماعياً وثقافياً وكذلك إلى حد ما دينياً من قبل بعض من يحتكرون التفسير. تقول الباحثة في علم الاجتماع رشا هنداوي إن الثقافة الشرقية وبالطبع المصرية تدعم مكانة الرجل المميزة بناء على نوعه وليس عمله أو دوره في الأسرة. هذا الدعم طاغ لدى غالبية المصريين. فمهما بلغت هذه الأسرة من تنوير أو حصلت على أرقى الدرجات العلمية، يظل هناك محتوى راسخ اسمه غلبة الذكور لمجرّد كونهم ذكوراً. وتضيف أن هذا الدعم يعبّر عن نفسه في صورة لوم المرأة دائماً وأبداً في حال بدا الزوج «يبصبص» (ينظر) إلى أخريات، ومطالبتها بالتحمّل والتضحية حتى لو كانت الطرف المُفترى عليه، وتأنيبها تأنيباً شديداً إن هي بادرت بالمطالبة بالطلاق، ومحاولة إقناعها بأن اقتران شريكها من أخرى حلال طالما تمّ بزواج رسمي.

الزواج الرسمي الذي ربط الدكتور هشام (زوج جميلة) بصديقتها «ليلى» هو النهاية الرسمية لعلاقة المودة والرحمة وبقايا الحب بين الزوجين. نرمين سعيد (42 سنة، مطلّقة) تقول إنها تشعر وكأنها تشاهد قصة زواجها وطلاقها وهي تتابع أحداث المسلسل مع بعض الفروق الصغيرة. فهي تخلّت عن عملها بناء على رغبة زوجها في بداية الزواج، وتفرغت لأبنائهما الثلاثة تفرّغاً كاملاً، وتحولت إلى طاهية وعاملة نظافة ومربية ومدّرسة، بينما هو نجح في عمله وأصبح مستثمراً ناجحاً وكلل تعبه وتعب زوجته بأن تزوج من فتاة تصغره بـ20 سنة، معللاً ذلك بأنه يحتاج دماء جديدة في حياته، وأنه لم يُغضب الله، وسيضمن حق الزوجة الأولى وأبنائها.

الزوجة الأولى وصدمتها بزواج شريكها، ولوعتها ببرود مشاعره وتأكيده ومن حوله أنه طالما تزوّج على سنة الله ورسوله فليس من حقها أن تعترض، وشريط الذكريات الذي يظل يجري أمام عينيها لسنوات مقبلة سمة من سمات قصص أسرية كثيرة. ولو لم يتكرر السيناريو عينه، فإن العين المجرّدة للمشهد الرمضاني النسائي تؤكّد أن تفاعلاً رهيباً تسببت فيه أحداث المسلسل الكاشف لقهر الزوجة المضحية. كم هائل من التدوينات المكتوبة على «فايسبوك»، وآلاف التغريدات المتداولة على «تويتر»، ومصادمات النقاشات التي تدور رحاها في بيوت عدة من وحي أحداث حلقة اليوم، وما ينتج عنها من حراك نسائي اجتماعي على جانب وشعور بالذنب أو الخوف أو كليهما من الرجال الذين يجدون أنفسهم في خانة الاتهام، إلى أن يثبت عكس ذلك أو صحته.

وبين تداول لخطوات اختراق حساب «واتس آب» الخاص بالزوج (تبعاً لما فعلته الزوجة جميلة) بغرض متابعة دردشاته الخاصة، ونقاشات واقعية وافتراضية لتحليل محتوى حلقة الأمس وتوقّع ما ستسفر عنه في حلقة اليوم بناء على مرجعية قصة المسلسل، واستخلاص مجموعة يومية من الدروس والعبر وسبل كشف الخيانات ومنع المؤمرات، وهروب ذكوري شبه جماعي في موعد عرض المسلسل درءاً للنظرات المريبة ودفعاً للاتهامات المتصيّدة، يمكن القول أن دراما رمضان هذا العام أنصفت قطاعاً من النساء ولو كان ذلك على حساب قهر قطاع من الرجال.

شاهد أيضاً

1163624-2

الكويت ..تكليف المهندسة رباب العصيمي مديرة لـ «القوى العاملة»

أصدر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، قرارا وزاريا قضى بتكليف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by moviekillers.com