العصفورة نيوز//وعمان تحتفل اليوم بيوم المرأة العمانية الذي خصصته الحكومة للتركيز على قضايا المرأة التي باتت تشكل فعلا نصف المجتمع من حيث العدد، وتتفوق النساء أكاديميا على الرجال الذي يفضل الكثيرون منهم الانخراط في سلك العمل باكرا، ورغم ذلك فإن مشاركة المرأة في سوق العمل ما زالت متدنية خاصة في القطاع الخاص الذي يسيطر عليه الرجال بسبب ظروف العمل الشاقة فيه، والتي لا تتوافق مع طبيعة المرأة، خاصة وأن المتفحص للفرص الوظيفية المشغولة من قبل الشباب يجد نسبة كبيرة منها في قطاعات المقاولات والإنشاءات وقطاع النفط، الذي لا تجد فيه الفتاة العمانية ضالتها في وظيفة العمر التي عملت على التحضير لها طوال سنوات طفولتها وشبابها من خلال التحصيل العلمي، لتصطدم بواقع سوق عمل غير جاذب.
ألتقي شخصيا بحكم عملي بكثير من الفتيات اللائي يكافحن من أجل لقمة عيش باتت ملزمة بتوفيرها لمن تعيل بعد أن انقلبت الموازين في عصرنا الحالي، وفرضت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على الفتاة أن تشارك أخاها أو زوجها أو حتى والدها في تحمل أعباء الحياة، وفي كثير من الأحيان أصبحت هي المعيل الوحيد لنفسها و أسرتها.
مما يضطر هؤلاء الفتيات للعمل في بيئة لا تتوفر فيها أبسط وسائل السلامة والأمان، فنسبة كبيرة من هؤلاء الفتيات يعملن في بيئة ضاغطة، يزيدها سوءا الظروف المعيشية الأصعب التي تفرضها الحياة في العاصمة مسقط من قبل شريحة كبيرة من هؤلاء الفتيات القادمات إليها من مختلف مدن وقرى البلاد، اللائي يقمن في سكن موظفات، لا تتوفر فيه أيضا شروط (السكن) اللائق.
وحتى في القطاعات التي توفر بيئة عمل مناسبة كقطاع البنوك والذي يمثل أنموذجا ناجحا لتشغيل الكوادر الوطنية، والقطاع العام، فإن المرأة تواجه تحديا آخر وهو قلة فرص التدريب والتأهيل وبالتالي الترقي الذي يؤلها لشغل مناصب قيادية، وهو ما يظهر جليا في إحصائيات سوق العمل العماني، وإن كانت هذه ظاهرة ليست حكرا على عمان، فهي مشكلة تواجهها المرأة حتى في أكثر الدول تقدما، الأمر الذي جعل بعض الدول الأوروبية والأمريكية على حد سواء تلجأ لفرض نظام (الكوتا) على المناصب القيادية، من أجل إعطاء المرأة فرصة لشغل المناصب القيادية، والاستفادة بالتالي من الاستثمار في تعليمها وتدريبها، والاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى النساء في مختلف المجالات.
محليا، يتفق الجميع على أن المرأة العمانية هي الأسعد حظا من حيث اهتمام الحكومة بها، وإعطائها كافة الحقوق التي تفوقت فيها على كثير من النساء في دول متقدمة جدا، فما زالت الكثير من النساء يكافحن من أجل حقوق مثل تساوي الدخل مع العمل، وحق التصويت والانتخاب، وتكافؤ الفرص في التوظيف، والجوانب التشريعية تكاد تكون الأفضل على مستوى العالم أيضا من حيث تساوي الحقوق والواجبات، لكن تبقى مسألة التطبيق عائقا أمام المرأة.
فسوق العمل غير جاذب للمرأة، لكونه لا يراعي خصوصيتها وتعدد الأدوار التي تلعبها، مما يضطرها إلى الاختيار بين أمرين أحلاهما مر، وهو العمل في وظيفة لا ترضي طموحاتها، أو البقاء في البيت، وبالنسبة للطموحة منهن فهي تواجه تحديات يفرضها المجتمع الذكوري الذي تجد نفسها مضطرة للتنافس فيه، مجتمع يعمل بقاعدة ليس مهما ما تعرف أو تعمل بقدر أهمية من تعرف، فكثير من القرارات المهمة المتعلقة بالعمل تكتشف المرأة أنها لا تتخذ في المكاتب، وإنما في (السبلة) ومجالس العزاء والأعراس وعلى المقاهي أو عبر الهواتف، وهو أمر يتطلب بناء شبكة تعارف واسعة، يصعب على المرأة بحكم العادات والتقاليد أن تقوم به، ناهيك أن المرأة ما أن ينتهي الدوام حتى تجد نفسها مضطرة للعودة للبيت لممارسة أدوار أخرى لا تقل أهمية بالنسبة لها عن دورها كموظفة، يشكل الرجال أيضا فريق دعم لبعضهم البعض، يعمل على تعليم ومساندة بعضهم على الترقي من خلال تقديم المشورة والنصح، وهذا للأسف ما يفتقده مجتمع النساء، حيث تجد المرأة نفسها تبذل أضعاف ما يبذله زميلها الرجل من جهد فقط لتنفي عن نفسها تهمة أنها (امرأة لا تصلح للعمل)، المشوار على ما يبدو ما زال طويلا أمام المرأة، ومرة أخرى أؤكد أنه ليس شأنا محليا بقدر ما هو شأن عالمي للمرأة في كل مكان..
*بقلم //حمدة بنت سعيد الشامسية –”صحيفة عمان”
hamdahus@yahoo.com –