المرأة الفلسطينية عنوان النضال والصمود، هي الأم التي ترعى أبنائها بعد استشهاد زوجها، ثم تقدم أبنائها شهداء دفاعا عن الوطن، هي الزوجة الثكلى التي قدمت الابن الأكبر شهيدا، فتربي الابن الأصغر لاستكمال مسيرة شقيقه، هي الابنة التي ولدت ولم ترى أباها لاستشهاده على يد الاحتلال، فتقرر عندما تكبر أن تربى أبنائها ليسيرون على نهج جدهم، فالمرأة في فلسطين هي عنوان البطولة والصلابة في كل مراحل المحن طوال تاريخ المحنة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي.
وفي تلك الحرب الإسرائيلية على غزة والتي بدأت منذ 7 أكتوبر وحتى الآن، تظهر شجاعة وقوة المرأة والتي تعد أحد أكثر الضحايا في هذا العدوان، خاصة أنه وفقا للإحصائيات الرسمية فإن 69% من الضحايا هم من الأطفال والنساء، بجانب معاناة النزوح والبحث عن طعام لإعداده لأفراد الأسرة في ظل نقص شديد في الطعام بسبب الحصار الإسرائيلي للقطاع وغلق المعابر، بالإضافة إلى رحلة البحث عن مياه صالحة للشرب، وهناك 60 ألف سيدة حامل مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية في القطاع، بجانب 83 أسيرة في سجون إسرائيل تتعرض لكل أشكال التعذيب، كل هذه الأرقام تكشف حجم معاناة غير مسبوق للمرأة الفلسطينية في المرحلة الراهنة.
كان لنا حوار مع وزيرة شئون المرأة الفلسطينية منى الخليلي، تكشف فيه عن جانب كبير من معاناة المرأة الفلسطينية، وتاريخ نضالها دفاعا عن القضية الفلسطينية، وأعداد الشهداء والجرحي من النساء داخل القطاع منذ بداية العدوان، والجهود التي تقدمها الوزارة لدعم السيدات الفلسطينيات سواء في غزة أو الضفة لمواجهة تلك الحياة الشاقة، والتضحيات التي قدمتها المرأة من أجل وطنها، وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالي..
كيف ترين معاناة المرأة في قطاع غزة؟
معاناة المرأة الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو القدس أو الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 هي معاناة متجذرة ومتأصلة ليست وليدة العهد، إلا أن حرب الإبادة الاسرائيلية التي ينتهجها الاحتلال الغاشم منذ السابع من أكتوبر الماضي فاقمت من هذه المعاناة وبشكل خاص معاناة المرأة الغزاوية، التي تعيش ظروفا صعبة وقاهرة طالت جميع نواحي الحياة من صحة وتعليم وغذاء ومسكن في إبادة لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً.
ماذا تمثل المرأة الفلسطينية داخل مجتمعها؟
المرأة الفلسطينية هي الزوجة والأم والبنت والأخت التي تتحمل أعباء إضافية بسبب مسؤوليتها الاجتماعية والأسرية، ومع فقدان الكثير منهن لأزواجهن أو أفراد عائلتهن وجدن أنفسهن في مواجهة صدمات وضغوطات نفسية هائلة، يتحتم عليهن القيام بدور المعيل وتوفير الحماية والمسؤولية ورعاية الاطفال وكبار السن ما يضيف أعباءا عاطفية واقتصادية في ظل ما فرضته حرب الابادة الإسرائيلية.
كيف أثر العدوان الإسرائيلي في غزة على المرأة الفلسطينية؟
أدت حرب الإبادة والعدوان المتواصل على شعبنا، إلى معايشة النساء لظروف معيشية قاسية وصعوبة في توفير الاحتياجات الأساسية للأسرة مثل الماء والغذاء والملابس والدواء، خاصة النساء اللاتي هجرن ونزحن قسرا مع عوائلهن، فهن الأكثر تأثرا بحالة النزوح والتنقل المستمر، حيث فقدن الخصوصية التامة بسبب تواجدهن خارج منازلهن واضطرارهن للوقوف طوابير أمام دورات المياه.
كيف هي معاناة السيدات الحوامل في غزة مع استمرار العدوان الإسرائيلي؟
صحة النساء تأثرت بشكل مباشر وواضح في ظل النقص الحاد في الخدمات الصحية والأدوية، خصوصا النساء المريضات والجرحى، إصافة إلى تأثرهن بانهيار البنية التحتية للخدمات الانجابية، حيث قدّر عدد النساء والفتيات في سن الإنجاب في قطاع غزة حوالي 650 ألفا، وهناك 1 من كل 4 منهن يحتجن إلى الحصول على خدمات الصحة الانجابية، كما قدرّ عدد النساء الحوامل في قطاع غزة بـ52 ألفا، بمعدل 200 حالة ولادة يومية، ومن المتوقع أن 15% من هؤلاء النساء يعانين من مضاعفات الحمل والولادة وجعلهن عرضة للولادات المبكرة او الاجهاض ما ينذر بارتفاع في معدل وفيات الأمومة.
هل لديكم حصر بأعداد الشهداء من السيدات والجرحى منذ بداية العدوان؟
يوفر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إحصاءات محدثة منذ بداية العدوان بالاستناد إلى بيانات وزارة الصحة في قطاع غزة، فمنذ السابع من أكتوبر وصل عدد الشهداء الإجمالي إلى 40707 شهيدا، منهم 40074 شهيد في قطاع غزة و11012 منهم امرأة وفتاة، والتي لا يمكن النظر إليها إلا بعدسة مكبرة لآلاف القصص والمآسي والتضحيات والعوائل التي حُرمت من أدنى حقوق الانسان الحق في الحماية والعيش بسلام ، كما وصل عدد الجرحى إلى 97937 لا يتلقون العلاج بالكامل منهم 25000 يحتاجون للعلاج خارج القطاع، إضافة إلى 500 مريض سرطان من أصل 10000 استشهدوا بسبب غياب العلاج.
استهداف المدنيين من النساء والأطفال خلال الحروب والنزاعات يخالف القانون الدولي.. برأيك لماذا تقدم إسرائيل على تلك الخطوة؟
جسارة إسرائيل في ارتكابها أهول المجازر والمذابح وبشتى آلات الحرب على بقعة جغرافية ذات كثافة سكانية عالية في استهداف واضح ومتعمد للمدنيين الأبرياء والعزّل وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي ليست إلا دليلا صارخا على ازدواجية المعايير التي يقوم عليها هذا العالم ، في الوقت الذي تنادي فيه المنظمات العالمية بحقوق الانسان، 2 مليون غزاوي جلّهم من النساء والأطفال يبادون عن بكرة أبيهم بصورة وحشية لم يشهد العالم لها اي مثيل، في انتهاك جسيم وواضح للقانون الدولي الانساني وخاصة اتفاقيات جنيف التي تنص على حماية المدنيين في اوقات الحرب.
من يحمي الاحتلال خلال انتهاكاته لاتفاقية جنيف؟
إسرائيل لم تكن لتقدم على هذه الخطوة إلا لأنها تثق بأن قوى الاستعمار وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تقف خلفها وتقدم لها الدعم الأعمى غير المحدود سواء الدعم المالي أو المشاركة في العمليات العسكرية تحت تبرير مكرر وممنهج بأنه لديها الحق في الدفاع عن نفسها دونما أي اعتبار لحقوق الفلسطينيين وأولها الحق في الحماية.
برأيك لماذا يسكت العالم عن استهداف المرأة في وقت يدافع عن حقوقها باقي دول العالم؟ وهل هذا يعد ازدواجية ينتهجها الغرب بشأن وضع المرأة؟
حالة الصمت الدولي المطبق على جرائم الابادة الجماعية التي تمارسها اسرائيل تجاه المدنيين في قطاع غزة والضفة والقدس، والتخاذل الدولي تجاه قضية فلسطين عموما ونساء فلسطين ضمنيا يصيبنا بالمقارنة مع ما جرى أثناء الحرب الاوكرانية الروسية حينما حشد العالم جهوده لوقف الحرب وحقن الدماء، ما يدفعنا للتفكير بشكل جدي حول التزام العالم وما يحمله من مبادئ نحو حقوق الإنسان، فمن الواضح أن سكوت العالم إزاء جرائم الإبادة الحاصلة في قطاع غزة هو تواطئ مقصود مع الاحتلال وبما يشكل داعمة له لإنجاز مخططاته التاريخية وإنهاء القضية الفلسطينية، إلا أن شعبنا واعي ومدرك لتلك المخططات الخبيثة، وكما أسقطها في الماض سيسقطها اليوم.
ما هو وضع النازحات الفلسطينيات في قطاع غزة؟
تخيل عندما تلقى طائرات آلاف 16 بوزن قنبلة ألف رطل بقصف مدرسة تأوي النازحين والنازحات وأطفالهم ليتحولوا جميعا إلى أكوام من اللحم كيف سيكون الوضع، وهذا تكرر مرارا تحت حجج كاذبة، وتعيش النساء النازحات أوضاعا صعبة للغاية.
ما هو عدد النازحات في غزة؟
تشير الإحصاءات إلى نزوح حوالي مليون امرأة وفتاة من بيوتهن المدمرة إلى المدارس والمستشفيات المكتظة غير المهيأة لاستيعاب هذه الأعداد من النازحين، حيث تفرض هذه الأماكن أوضاعا مزرية من انعدام للخصوصية والنظافة وانتشار الأمراض المعدية مع انعدام توفر المياه والدواء الأمر الذي ينذر بكارثة وبائية نتيجة لتفشي الأمراض المنقولة بالماء والتنفس.
ورصدت وزارة الصحة الفلسطينية ما يزيد عن 100 ألف حالة التهاب كبدي وبائي، بالإضافة إلى الأمراض التنفسية والأمراض الجلدية كالجرب والالتهابات البكتيرية العنقودية منها أو غيرها ما يضاعف احتمالات تفشي وباء شلل الأطفال والكوليرا.
ومع كل هذه الظروف الصعبة تتضاعف معاناة النساء النازحات بخاصة المريضات والجريحات والحوامل والمرضعات والأمهات الجدد اللاتي وضعن مواليدهن في الخيام أو تعرضن للإجهاض بسبب محدودية وصولهن للخدمات الصحية، الأمر الذي يجعلهن عرضة للإصابة بالأمراض النفسية والصدمات والقلق والاكتئاب.
كيف هي معاناة المرأة الفلسطينية خلال النزوح من منزلها للمخيمات أو مراكز الإيواء وهذا الأمر يتكرر لمرات عديدة منذ بداية العدوان؟
إلى جانب الأوضاع المعيشية السيئة المرافقة للنزوح، يضاف معاناة التنقل والنزوح المستمر الذي فرضته وحشية القصف والاستهداف الاسرائيلي، فلم تنته معاناة السكان بمجرد نزوحهم من مناطق القصف إلى أخرى اخف وطأة “باعتقادهم” كما حصل مع مليون ونصف نازح من مناطق عدة، بخاصة سكان شمال القطاع الذين نزحوا إلى الوسط أو الجنوب، واضطروا للنزوح ومعايشة النكبة مرات عديدة ومتوالية في غضون أيام، حاملين أرواحهم وفلذات أكبادهم باحثين عن مكان آمن.
حتى عندما انتهى الأمر بهم في الخيام التي ليست سوى قطع من القماش تفتقر لأدنى معايير الراحة والخصوصية وبخاصة مع الأحوال الجوية السيئة، لم تسلم هذه الخيام من وحشية القصف على الرغم من كونها تشير إلى وجود مدنيين عزّل وأطفال ونساء احتموا بداخلها بعد ان انقطعت بهم السُبل، في دلالة واضحة إلى استهداف المدنيين الذين آل بهم القصف إلى أشلاء متفرقة، وإرهاب الناجين منهم وتشرديهم من مكان لآخر.
كيف ستتعامل الوزارة مع الحجم الكبير من الأرامل اللاتي استشهد ازواجهن وأصبحن بدون عائل وهل هناك دعم لهن؟
مع بداية الحرب الاسرائيلية، خصصت الوزارة برامج عملها لمواجهة العدوان ودعم النساء المتضررات، حيث كان من ضمن هذه البرامج مجموعة من خطط الإغاثة والطوارئ بالشراكة مع جهات الاختصاص تهدف لتقييم الوضع الراهن وتقدير حجم الخسائر المادية والبشرية وتصويب الأوضاع من خلال تدخلات إغاثية مقترحة.
ما هي طبيعة الخطط الإغاثية التي تقدمها الوزراء للنساء في غزة المتضررات؟
في هذا السياق وعلى مستوى الإجراءات تقوم الوزارة بالشراكة مع عدة وزارات بتوفير مساعدات نقدية إغاثية للنساء اللاتي أصبحن بلا معيل، بالإضافة إلى تقديم سلال غذائية لهذه العوائل، وضمن مساعي استمرارية حصول النساء اللاتي توقفن عن الحصول على النفقة بسبب استشهاد أزواجهن تقوم الوزارة بتوفير قاعدة بيانات بهؤلاء النساء وتحويلها إلى صندوق النفقة.
ماذا عن وضع الأسيرات في سجون الاحتلال؟
لك أن تتخيل أن قصص الرعب التي كنا نسمعها عن سجن جوانتنامو طبقت فعلا في سجون الاحتلال، وسجن سيديه بتمان خير مثال، أقل وصف يمكن أن أصفه لحالة الأسيرات رعب وجنون، حيث تعيش الأسيرات أوضاعا مأساوية صعبة منذ لحظة اعتقالهن، والتي تتم بطرق وحشية ومذلة للكرامة الانسانية ولكرامة النساء على نحو خاص، وهي ليست بالجرائم الجديدة بل أصبحت سلوك منتهج ودائم، إلا أن حدة وكثافة ووحشية هذه الاعتقالات والتنكيلات زادت بعد السابع من أكتوبر، وظهرت أنماط جديدة من التنكيل بحق الأسيرات.
ما هي أبرز تلك الأنماط الجديدة من التنكيل للأسيرات في سجون الاحتلال؟
تتمثل بالعزل عن العالم الخارجي وفرض قيود كبيرة على زيارة المحامين، كما شهدت الأيام الماضية إشكالية لدى الأسيرات بعد قيام إدارة السجون برش غرفهن بمبيدات حشرية ما أثر على حالتهن الصحية كونهن يقضين غالبية الوقت داخل الغرف مع ساعة واحدة فقط للفورة “الفسحة”، إلى جانب تعرضهن لكافة أشكال الإذلال مثل الضرب والشتم والتهديد بالقتل.
كما يقاسين البرد والجوع والحرمان من أبسط مقومات الحياة الانسانية مثل الطعام والملابس والأغطية والحرمان من الاحتياجات الاساسية للنساء خاصة الفوط الصحية وغيرها، والحرمان من العلاج خاصة ضد الأسيرات المصابات بأمراض مزمنة وخطيرة، وسط غياب كامل لدور الصليب الأحمر والمؤسسات الإنسانية والحقوقية .
ماذا عن أسيرات قطاع غزة اللاتى تم إخفائهن في معتقلات من بداية العدوان؟
أسيرات قطاع غزة معزولات عن أسيرات الضفة والداخل المحتل، فبالإضافة إلى الأوضاع الصعبة التي يعايشنها، فإن الصورة مغيبة عنهن بالكامل نظرا لجريمة الإخفاء القسري بحق غالبة معتقلي قطاع غزة، وظروف الاعتقال الغامضة التي تحدث أثناء النزوح، فالكثيرات تم اعتقالهن وسط الشارع واضطررن لترك أطفالهن وراءهن، ونتيجة للعزلة ومنع زيارة المحامين لا تتمكن العائلات ولا المؤسسات المعنية بالأسرى وحقوق الإنسان من معرفة ظروف اعتقالهن وما يتعرضن له.
ما هو عدد الأسيرات المعتقلات في سجون الاحتلال؟
بحسب نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، بلغ عدد الأسيرات حوالي 86 معظمهن في سجن الدامون، عدا أسيرات قطاع غزة اللاتي جرى اعتقالهن في ظروف غامضة ما جعل حصر أعدادهن غير دقيق.
هل بالفعل الأسيرات المعتقلات تعرضن للتحرش الجنسي من قبل قوات الاحتلال؟
بحسب الشهادات التي تدليها الأسيرات المحررات وبحسب البيانات التي تصدرها المؤسسات المعنية بمتابعة أوضاعهن داخل السجون، الكثيرات منهن تعرضن للتهديد بالاغتصاب إلى جانب التفتيش العاري والشتم والألفاظ النابية وغيرها من الممارسات التي تنتهك الكرامة الإنسانية، وتعد قانونيا تحرشا جنسيا، كما أن التعذيب الذي يمارسه الاحتلال بحق الأسرى والأسيرات يعد انتهاكا صارخا لاتفاقية مناهضة التعذيب وأصبح ضمن نطاق جرائم الحرب، وكل هذه الممارسات الوحشية يمكن تقديمها كدليل في المحاكم الدولية، حيث إن التعذيب لا يسقط بالتقادم والمسائلة عنه لا تسقط بالتقادم أيضا.
هل لديكم حصر بعدد الأسيرات الشهيدات في سجون الاحتلال منذ السابع من اكتوبر وحتى الان؟
بحسب هيئة شؤون الاسرى والمحررين 52 أسيرا استشهدوا بعد 7 أكتوبر بينهم 17 من الضفة الغربية و 35 من قطاع غزة جراء التعذيب والتجويع والإهمال الطبي في السجون والمعسكرات وتحديدا معسكر “سديه تيمان” الذي يعد الشاهد الاكبر على جرائم القتل والتعذيب، إلا أنه لا يوجد حصر محدد لعدد الاسيرات الشهيدات بسبب منع الصليب الأحمر من زيارة الأسيرات والأسرى للاستعلام عن أوضاعهم.
ما المطلوب من المجتمع الدولى لإيقاف هذا التعذيب والتحرش الذي يحدث للأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال؟
يجب على المجتمع الدولي إدانة هذه الممارسات الوحشية والتصريحات وعلى رأسها تصريحات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي تحدث بعلانية بالصوت والصورة قائلا “إن السجناء الفلسطينيون لا يستحقون سوى رصاصة في رؤوسهم”، وهي تصريحات يملؤها الحقد والانتقام والانحطاط، لذا يتوجب على المجتمع الدولي تبني إجراءات جادة تتمثل في تشكيل لجنة تحقيق دولية وكاميرات مراقبة في السجون لتوفير أدلة موثقة وإصدار مذكرات اعتقال لكل المتورطين.
هل هناك محاولات من الوزارة لإجراء زيارة والاطلاع على أوضاعهن؟
في ظل سياسات العزل الممنهجة بحق الأسرى والأسيرات وفصلهم عن العالم الخارجي، ومنع زيارات المحاميين والمؤسسات ذات العلاقة بمتابعة أوضاعهم داخل السجون، فإن الوزارة تقوم بعدة تدخلات منها توثيق ما يجري لمسائلة الاحتلال، وكذلك العمل على إيصال وتفعيل قرار 1325 من خلال اللجنة الوطنية لمتابعة حالات الأسيرات في السجون وأيضا استجلاب لجان تحقيق دولية للاطلاع على واقع الأسيرات والأسرى.
هل تعرفون بقضية المرأة دوليا؟
تحرص الوزارة على أن تكون الصوت الممثل عن المرأة الفلسطينية عبر حضورها وتمثيلها في اللقاءات والزيارات في المحافل الدولية، لتعريف العالم بأوضاع النساء الفلسطينيات وما يعايشنه ويتعرضن له من انتهاكات وجرائم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
كما تشدد الوزارة في كل مواقفها على شركاؤها الدوليين والمؤسسات الأممية والدولية على ضرورة متابعة ما تتعرض له المرأة الفلسطينية وبخاصة الأسيرات المعتقلات في مراكز معتقلات الاحتلال ومراكز الاحتجاز من تعذيب، واحتجاز في ظروف قاسية ومهينة للكرامة الإنسانية، وضرورة تكثيف جهودها بما يضمن أن تلقى الاهتمام الكافي على مستوى الحراك العالمي والنسوي.
كيف هو وضع المرأة في الضفة الغربية والقدس في ظل الاقتحامات المتكررة لمدن الضفة بشكل يومي؟
منذ بداية العدوان وحتى الآن تسارعت وتيرة الاقتحامات والاعتداءات لمدن ومخيمات الضفة الغربية والتي تكاد أن تكون يومية، والتي رافقتها حملات اعتقالات طالت صفوف العديد من النساء وصل عددهم لـ200 من الضفة و84 من القدس منذ بداية العدوان، ورافقت هذه الاقتحامات أشكال عدة من التنكيل والعبث بمحتويات المنازل وسرقة محتوياتها، وتدمير البنى التحتية كما حدث في مخيم طولكرم ومخيم نور شمس وما يرافقها من إطلاق للرصاص والقنابل ووقوع شهداء في صفوف المواطنين ما جعل المرأة الفلسطينية مهيأة لشعور الفقد والحرمان من الأمان، عدا عن إقامة الحواجز بين القرى والمدن وما يرافقها من تنكيلات وإهانات، وقيدت هذه الممارسات والاعتداءات من سير الحياة اليومية وشعور الأمان لدى النساء وحرية التنقل لديهن.
هل هناك برامج لدى الوزارة لدعم المرأة الفلسطينية في ظل تلك المعاناة الشديدة التي تعيشها؟
تسعى الوزارة لتضمين قضايا المرأة ضمن الخطط والبرامج والسياسات وتطوير آليات حوار مع الدول المانحة والشركاء لتنسيق المساعدات وإيلاء اهتمام خاص بالمرأة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس عبر تسليط الضوء على قضايا الإغاثة والإعمار والأمن الغذائي وقضايا الصحة بما فيها الصحة الانجابية، والتركيز على النساء اللاتي أصبحن معيلات لأسرهن، حيث إن ما تتعرض له المرأة الفلسطينية هو عدوان شامل على الشعب الفلسطيني وأول من يدفع الثمن هم الأطفال والنساء وكبار السن.
كيف تساهم المرأة الفلسطينية في دعم بلادها ضد العدوان؟
لطالما كانت المرأة الفلسطينية هي رمزا للصمود، وهي رمز للهوية الفلسطينية، تحترف المقاومة كما تحترف الأمومة تغرس مبادئ العيش بكرامة في نفوس صغارها منذ نشأتهم وتدعمهم على عدم الخوض والخنوع مهما تقطعت بهم السُبل، وتؤكد على روح العزيمة والإصرار والتشبث بالحق والأرض.
خلال هذا العدوان كان هناك العديد من المبادرات التي قامت بها المرأة الفلسطينية سطّرت بها أروع الأمثلة في الصمود وتحدي الظروف القاهرة والتمسك بالعيش، منها على سبيل المثال وليس الحصر، المرأة الغزية التي ابتكرت آلية لتحلية مياه البحر في ظل انعدام المياه النظيفة والصالحة للشرب.
بالإضافة إلى مبادرات في مجال التعليم قامت بها العديد من الفتيات خلال الحرب، حيث أقمن صفوفا لتعليم الأطفال في ظل شح الإمكانيات، إلا أنهن لم يرين التعليم إلا أولوية كغيرها من مقومات العيش الأساسية، ناهيك عن أن المرأة لها بصمة واضحة في كل المجالات الإنسانية والخدمة الاجتماعية وعلى رأسها الصحة.
المرأة الفلسطينية لديها بطولات عديدة منذ نكبة 48 وحتى الآن.. كيف قدمت المرأة الفلسطينية نموذجا في التضحية؟
المرأة الفلسطينية تبني أسس الدولة الفلسطينية، قدمت ولا تزال آلاف التضحيات فهي شريكة في النضال الوطني للتحرر من الاحتلال، وترى تضحيات نساء فلسطين عددا لا يمكن حصره، حيث قدمن أرواحهن وأزواجهن وفلذة أكبداهن تعطشا للحرية والكرامة، فهي أم الشهيد الصابرة التي تمثل مدرسة عظيمة من الصبر والتضحية وتتقبل استشهاد فلذة كبدها بالزغاريد، هي الأم الوحيدة التي تحمل ابنها مرتين، جنينا في بطنها وشهيدا على رأسها، هي الأخت والأسيرة والشهيدة.
كيف ترين الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية؟
الدور المصري دور مهم وحيوي وفاعل وسند للقضية الفلسطينية وقد تحقق ذلك عبر النضال الوطني الفلسطيني، وفي ضوء ما تنتهجه إسرائيل من سياسات للتهجير القسري، يبرز الدور المصري في تعزيز الصمود الفلسطيني، بالإضافة إلى الدور المهم في فتح ممرات إنسانية للمساعدات ونقل الجرحى والمصابين خلال العدوان الحالي.
هل لدى الوزارة خطة من أجل دعم المرأة بعد الحرب؟
تسعى الوزارة عبر مشاوراتها مع الشركاء في الحكومة والمجتمع المدني لوضع تدخلاتها نحو التعافي والإغاثة وإعادة الإعمار وغيرها من المحاور مثل الإنعاش الاقتصادي وتمكين المرأة اقتصاديا وتوفير الحماية الاجتماعية لها، عبر تقييم للخسائر البشرية والمادية التي يفرضها الوضع الراهن ومحاولة حشد الإمكانات بما يحقق الحد الأدنى من التعافي المطلوب، وإن كانت الأولوية لدينا هي وقف إطلاق النار، وانعاش الوضع الصحي والغذائي والتعليمي مع توفير سكن ملائم.
ما هي رسالتك للعالم لإنهاء الاحتلال؟
نؤكد للعالم على صمودنا وتمسكنا بأرضنا وحقنا في تقرير المصير، ونرفض سياسات الاحتلال ومخططاته في تطبيقه لمقولة ” أرض بلا شعب”، وعلى ضوء ما شاهدناه من ضعف دولي وازدواجية في المعايير وصمت مطبق تجاه جرائم الاحتلال الوحشي فإننا لا نراهن سوى على صمودنا وهويتنا المتجذرة.
ما هي مطالبك من المؤسسات الدولية لوقف هذا العدوان؟
ونطالب المؤسسات الدولية والأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها بالضغط على إسرائيل في إيقاف إطلاق النار وحقن الدماء وفرض عقوبات على إسرائيل لانتهاكها القانون الدولي والقانون الدولي الانساني بارتكابها أبشع الجرائم والمجازر التي تمس بالإنسانية جمعاء..
*المصدر..حوار / أحمد عرفة/ اليوم السابع