يُعد «العنف ضد المرأة» أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا واستمرارًا، وقد أشار تقرير لمجلس رؤساء الشرطة الوطنية في بريطانيا إلى أرقام صادمة، تؤكد أن العنف ضد النساء والفتيات أصبح «حالة طوارئ وطنية» هناك، حيث يتم تسجيل ما يقرب من ثلاثة آلاف جريمة اعتداء ضد النساء يوميًا.
وقد سجلت الشرطة البريطانية، أكثر من مليون جريمة عنف ضد النساء والفتيات فى عامى 2022 و2023، حسبما جاء فى التقرير، وبالمُقارنة بين أنواع الجرائم، وجدت «الشرطة الوطنية للعنف ضد النساء والفتيات» أن هذه الجرائم تمثل نحو 20% من جميع الجرائم المُسجلة لدى الشرطة، باستثناء الاحتيال فى إنجلترا وويلز بين «أبريل 2022 ومارس 2023»، وقدر التقرير أن واحدة على الأقل من كل 12 امرأة ستكون ضحية سنويًا بما يُعادل مليونى امرأة، ومن المُتوقع أن يكون العدد الدقيق أعلى بكثير، بسبب الجرائم التى لا يتم الإبلاغ عنها، ووفقا للتقرير، فإن واحدًا من كل 20 بالغًا، أو 2.3 مليون شخص فى إنجلترا وويلز يرتكبون مثل هذا العنف كل عام.
◄ أرقام مُرعبة
وتشير الإحصائيات الرسمية فى انجلترا وويلز، إلى أن 10% من الفتيات بين سن 16 لـ19 عامًا تعرضن للعنف الأسرى العام الماضي، وقال المكتب الوطنى للإحصائيات فى تقريره السنوى إن هذه هى الفئة الأكثر عرضة للعنف الأسري، وإن النساء بين 20 لـ40 عامًا يتعرضن أيضًا للعنف، حسب التقرير، ويتعرض للعنف الأسرى 7% من الذكور فى سن المراهقة.
ويشمل العنف الأسرى «العنف غير الجسدي، والتهديد واستعمال القوة والاعتداء الجنسي، والمضايقة من قبل الزوج أو أحد أفراد العائلة»، وأكثر أنواع هذا العنف انتشارا هو مضايقة الأزواج، وجمع التقرير معطياته من تقارير الشرطة، ومن المؤسسات الحكومية والمنظمات المهتمة بدعم ضحايا العنف العائلى، وكشف آخر استطلاع للجريمة فى انجلترا وويلز أن 1.2 مليون امرأة و713 ألف رجل تعرضوا لنوع من أنواع العنف الأسرى العام الماضي، وسجلت الشرطة 1.1 مليون بلاغ ذى صلة بالعنف الأسرى فى الفترة نفسها، وهو ما يشمل فى الأغلب تكرار الاعتداء على الضحية نفسها، وقيدت 488 ألف حادثة من هذه الحوادث على أنها جرائم، تم اعتقال المتهم فى أقل من نصفها.
◄ سن مُبكرة
وبحسب تحليل حديث أجرته منظمة الصحة العالمية، تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء فى العالم، أى نحو 736 مليون امرأة، لعنف جسدى أو جنسى خلال حياتهن، وتقول المنظمة إن هذا العنف يبدأ فى سن مُبكرة، على الرغم من أن عدد النساء اللواتى تعرضن للعنف لم يتغير كثيرا منذ آخر دراسة أجرتها المنظمة على مستوى العالم 2013، وبحسب التقرير، فإن واحدة من كل أربع إناث بين 15 لـ24 قد تعرضت بالفعل للعنف على يد شريك، وقد حللت المنظمة بيانات من دراسات أجريت فى 161 بلدًا، وتبين أن العنف من الشريك هو أكثر ما تم الإبلاغ عنه على مستوى العالم، إذ قالت 641 مليون امرأة إنهن تعرضن له، وقالت 6% من النساء إنهن تعرضن للعنف من أشخاص غير الزوج أو الشريك، وقد يكون العدد أكبر بكثير، إذ إن الخوف من الوصمة ربما يكون عائقًا أمام إبلاغ الكثير من النساء عن العنف الجنسى.
ويتضح من الدراسة التى أعدتها منظمة الصحة العالمية أن النساء اللواتى يعشن فى بلدان محدودة الدخل، بما فيها جزر المحيطات -مثل فيجي- وجنوب آسيا، وأفريقيا جنوب الصحراء، هن الأكثر عرضة للتعرض للعنف الجسدى أو الجنسى من شريك الحياة، وتعرضت للعنف واحدة من كل أربع نساء «37%» ممن يعشن فى تلك البلدان، بينما جاءت النسبة أقل فى أوروبا «16 لـ23%» وآسيا الوسطى «18%».
◄ منتشر كالوباء
وتقول المنظمة، إن العنف ضد النساء منتشر كالوباء فى كل البلاد والثقافات، ويسبب الضرر لملايين النساء وعائلاتهن، وإذا كانت الأوبئة يمكن مواجهتها والقضاء عليها بالأدوية والأمصال واللقاحات، إلا أن وباء العنف ضد النساء لا يمكن إيقافه عن طريق ذلك، ولذلك يعد العنف ضد النساء واحداً من انتهاكات حقوق الإنسان الأكثر انتشارًا وإلحاحًا وتدميرًا فى عالمنا اليوم.
وينص إعلان الأمم المتحدة، بشأن القضاء على العنف ضد المرأة على أن العنف ضد المرأة هو مظهر من مظاهر علاقات القوة غير المتكافئة تاريخيا بين الرجال والنساء، والعنف ضد المرأة هو إحدى الآليات الاجتماعية الحاسمة التى تضطر المرأة بموجبها إلى الخضوع بالمقارنة مع الرجل، وأن العنف ضد النساء والفتيات مشكلة ذات أبعاد جائحة، فقد تعرضت امرأة واحدة على الأقل من كل ثلاث نساء فى جميع أنحاء العالم للضرب، أو الإكراه على مُمارسة الجنس، أو إساءة المُعاملة أثناء حياتها مع المُعتدى، والذى يكون عادة شخصًا معروفًا لها.
فيما عرّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة «العنف ضد النساء» على أنه أى اعتداء ضد المرأة مبنى على أساس الجنس، والذى يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، جنسى أو نفسى للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفى للحريات، سواء حدث فى إطار الحياة العامة أو الخاصة، كما نوه الإعلان العالمى لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة بأن هذا العنف قد يرتكبه مهاجمون من كلا الجنسين أو أعضاء فى الأسرة أو العائلة أو حتى الدولة ذاتها.
وتعمل حكومات ومنظمات حول العالم من أجل مكافحة العنف ضد النساء وذلك عبر مجموعة مختلفة من البرامج منها قرار أممى ينص على اتخاذ يوم 25 نوفمبر من كل عام كيوم عالمى للقضاء على العنف ضد النساء.